أغنية " عبودي جاي إمن النجف" من الأغاني التراثية العراقية الجميلة المنسية
2021-03-10
د. باسل يونس ذنون الخياط
أغنية " عبودي جاي إمن النجف" من الأغاني التراثية العراقية الجميلة المنسية
الأستاذ الدكتور باسل يونس ذنون الخياط
لقد كان الشيخ عثمان الموصلي نموذجا مميزا للمواطن العراقي الذي أحب بلده واحبه أبناء بلده في وسط العراق وجنوبه، كما أحبه أبناء شماله. فبعد أن برزت آيات نبوغ الملا وذاعت شهرته، تولع به عظماء العراق ونوابه في مجلس المبعوثين أمثال محمد وشاكر وعلاء الدين وحسام الدين من أسرة الالوسي الشهيرة، والشيخ يوسف السويدي وآل الحيدري والسيد محمد السكوتي والسيد إبراهيم الراوي شيخ الطريقة الرفاعية في بغداد رحمهم اللـه جميعا.
لقد هام هؤلاء الشخصيات المرموقة وغيرهم بمواهب الموصلي وبفنونه افتتاناً، فكانوا يتولون نقل الملا من إسطنبول إلى العراق عند موسم الزيارة في كربلاء ليقرأ لـهم المراثي في أهل السبط الشهيد الحسين بن علي رضي اللـه عنهما ويرون بوجوده بالقرب منهم نعمة أنعم اللـه بها على المجتمع، يتمتعون بروائع فنونه ومواهب صوته الشجي وبلاغة شِّعره ونثره وطرائف نكاته وافانين أحاديثه.
ويذكر الكاتب صباح راهي العبودي أن من العناوين التي وضعها الملا عثمان بستة "عبودي جاي امن النجف .. شايل مكنزيّه"، والمكتزية أو الموزرية Mauser M98 بندقية ألمانية كان يستخدمها الجيش العثماني في ذلك الوقت.
ويذكر الأستاذ الدكتور عمر محمد الطالب (1932-2008) أن تلميذ الملا عثمان السيـد أحمـد عبـد القـادر الموصلـي (1877-1941) والملقب (بلبل العراق) غنى هذه الأغنية وأن لديه اسطوانة لشركة (بيضا فون) بصوت السيـد أحمـد في وجهها الأول (بستة) "عبودي جا من النجف" وفي وجها الثاني (بستة) "مروا بنا من تمشون".
وفي بغداد غنت هذه الأغنية التراثية المطربة صديقة الملاية:
وغناها مطرب العراق الأول محمد القبانجي:
https://www.esm3.com/song-60478.html
وغنتها فرقة أنغام الرافدين للمقام العراقي:
وغناها الفنان الكبير يوسف عمر:
وغناها الفنان طه غريب بمصاحبة فرقة أنغام الرافدين:
قصة الأغنية:
تورد كتب التراث حكاية أغنية "عبودي جاي امن النجف .. شايل مكنزيّه"، وتذكر أن القوافل الذاهبة إلى النجف كانت تلتقي بالقوافل الآتية إلى بغداد من النجف في مقرات تدعى (الخانات) من أجل الاستراحة. وفي إحدى القوافل الآتية من النجف إلى بغداد كان هناك فارس، واسمه عبودي، يحمل بندقية موزر (مكنزيّه)، وفي القافلة الآتية من بغداد إلى النجف كانت هناك فتاة جميلة رأت عبودي فأغرمت به.
جلس عبودي وتناول شيئا من الطعام ثم أخرج آلة عود كانت معه وأخذ يعزف بها وكانت الفتاة تراقبه من بعيد، ثم أقبلت الفتاة بجمالها الساحر إلى عبودي واستولت على مشاعره وطلبت منه شيئا من الماء والطعام. أما عبودي فكان منبهرا بجمالها ومع ذلك رفض طلبها خشية أن يشِّعر بأمرهما أحد، وعلى أثر ذلك الرفض قالت الفتاة :(وليش ما تنطينه من الموجود )؟!.
ثم طلبت منه أن يُعلمها العزف على آلة العود، فرفض أيضا خشية من كلام الناس، فقالت له عبارة أصبحت فيما بعد مثلا: (وليش ما تعلمنا دكة العود)؟! وبعد إنتهاء فترة الاستراحة في ذلك الخان غادرت قافلة الفتاة وسارت نحو هدفها، فقالت الفتاة وهي تنظر إلى عبودي:
عبودي جاي امن النجف... شايل مكنزيّه
واشلون كلبك صبر.... لمن مشوا بيّه
أما عبودي فقد كان شابا شهما لم يتخلى عن الفتاة التي تولعت به، وبعد انجاز مهامه ذهب الى أهلها وخطبها وتزوجها، فزاد تعلقها به وأخذت تصف وجهه بالقمر تارة وتشبه شِّعره بالذهب وتصور لون خده كحبات الرمان، ومن الثابت أن حبات الرمان تكون عادة براقة وذات لون جذاب يبعث على الخيال، لذلك قالت:
عبودي وجهك كمر يشرق على الخلان
والشِّعر جنة ذهب والخد فرط من رمان
وبعد أن أمضيا فترة شهر العسل في ربوع بغداد رجت الزوجة من زوجها زيارة أبو مسعود الذي ساعد في مهمة زواجهما فقالت:
ايدي وايدك طبك دنزور أبو مسعود
وحدث ابان سفرهما أن حاول أحدهم تعكير صفوهما إلا أن محاولاته باءت بالفشل لذا قالت:
لا تشتفي يا عدو بلجي الزمان ايعود
أما العدو الذي تحدثت عنه الزوجة فقد أراد أن يضلل الحقائق دون جدوى حيث قال: