الأغنية التراثية (عفاكي عفاكي) وقصتها

2021-03-21

د. باسل يونس ذنون الخياط

الأغنية التراثية (عفاكي عفاكي) وقصتها


 الأغنية التراثية (عفاكي عفاكي) وقصتها

الأستاذ الدكتور باسل يونس ذنون الخياط
 
الغناء التراثي الموصلي هو نوع مُميز من التراث العراقي، له خصائصه المُميزة ونمطه الخاص به المعتمد أساسا على اللهجة الموصلية التي تنتشر في مدينة الموصل ومعظم المدن التي تحيط بها وكذلك في مدينة ماردين Mardin التركية والتي تقع في جنوب شرق الأناضول.
يقول مؤرخو الأغنية الشعبية الموصلية أن أغاني الموصل التي تُردد دوماً مأخوذة من أربع مناطق؛ هي ماردين وبعشيقة وسنجار والموصل ذاتها، حيث يسكن هذه المناطق أطياف متعايشة منذ القدم من مختلف الأديان والقوميات.
أغنية (عفاكي عفاكي):
من الأغاني الموصلية التراثية الشهيرة أغنية (عفاكي عفاكي) التي تُردد في داخل مدينة الموصل وخارجها وفي المناطق المسيحية التي تقع في أطراف الموصل. كما تُردد هذه الأغنية في خارج العراق من قِبل الجاليات ذات الأصول العراقية.
وتُعد أغنية (عفاكي عفاكي) واحدة من أشهر الأغاني الموصلية التراثية والتي غناها أيضا مطربو المقام في بغداد، ولا تزال هذه الأغنية تُردد في حفلات الأعراس.
لا يُعرف على وجه التحديد مصدر هذه الأغنية: فهناك من يزعم أن حالها كحال (كم ياردلي) و(سعاد وما ماتت)  و(ليلى جننتيني) أصلها مارديني من تركيا، حيث أن مدينة ماردين تقع في جنوب شرق الأناضول وتضم الكرد والعرب والآشوريين، ويتكلمون بنفس اللهجة الموصلية.
أما الكاتب الأستاذ أسامة غاندي وكتُاب آخرون فيذكرون أن أغنية (عفاكي عفاكي) ولدت بين أزقة الموصل القديمة وهي من تراث اليهود في الموصل، وكان يهود بغداد أيضا يرددونها ولا زالوا يرددونها خارج العراق. وهناك من ينسبها للمسيحيين الذين لا زالوا يغنونها بالمناسبات. 
قصة أغنية (عفاكي عفاكي):
كل أغنية من أغاني التراث الموصلي ترتبط بقصة واقعية كانت سببا لانتشارها. و أغنية (عفاكي عفاكي) من الأغاني الخاصة التي تُغنى في حفلات الأعراس، وخاصة في ليلة الزفة حيث تنتقل العروس من بيت أهلها إلى بيت زوجها.
هذه الأغنية تتحدث بلسان والدة العريس (والدة الختن) وهي ترى تحوّل اهتمام ولدها لينصب تجاه عروسه، فتخاطب العروس قائلة لها:
عافاكي عافاكي على فند العملتينو
 وأنا أتعبتو وأنا اشقيتو على الحاضر أخذتينو
وكلمة (عافاكي) كلمة مُبطنّة وتحمل معنيين: المعنى الأول يتضمن الإشادة ويعني (عفية عليكي) وهذا المعنى غير مقصود بالأغنية، والمعنى الثاني يتضمن نوع من التوبيخ ويعني (يا لكِ من داهية وماكرة) وهو المعنى المقصود بالأغنية.
أما (الفند) فهو (التَكْتيك) والخطة التي ابتدعتها العروسة لخطف ولدها الحبيب منها. فعندما تخاطب أم العريس عروس ابنها قائلة لها: (عافاكي عافاكي على فند العملتينو) فهي كأنما تعاتبها عتاب شديد وكأنها تقول لها: يا لها من خطة مُحكمة التي عملتيها وخطفتي بها مني ولدي الذي أنا ربيته وتعبتُ عليه وشقيتو من أجله ثم جيئتي أنتِ وأخذتيه على الحاضر).  
ثم تقوم أم العريس برشق العروسة بسيل من الكلمات القاسية لتُظهر لها خفايا مخطط العروسة في خطف ولدها منها:
شفتيو ولد عالكيف
توسلتي بابو يوسف
سهرتيلو ليالي الصيف
مكّارة شلون أخذتينو
ثم تكشف أم العريس سر ذلك التعلُّق فتقول للعروس:
شفتينو ابن تجار
حميتيلو الماي الحار
وديتينو عند السحّار
سحرتيلو وأخذتينو
وهي بذلك تكشف سر تلك القرصنة منزعجة وسط غناء البنات ومرحهن، تسحرهن موسيقى تلك الأغنية المرحة رغم الآم الحبيبة التي خسرت الحبيب جراء (فند) الخاطفة!!
مغنون غنوا هذه الأغنية:
تُعد أغنية (عفاكي عفاكي) واحدة من بين أجمل الاغاني التراثية المنسوبة إلى التراث الموصلي:
 
 
وقد غناها العديد من المغنين القدامى والمعاصرون، ومنهم  حسن خيوكة (1912-1962)، وكذلك غناها رشيد القندرجي (1894-1945) بتخت عزوري:
 
واشتهر بأدائها مطرب المقام صالح الكويتي (1908-1986):
 
كما غناها يوسف عمر (1918-1986) مراراً وسط الجوق البغدادي:
 
وغناها أيضا عبد المسيح حبيب:
 
وغاها كذلك وسيم اسكندر:
 
 
تهيئة الطابعة   العودة الى صفحة تفاصيل المقال