حوارات وشهادات بحق الموسيقار جميل سليم

2013-11-25

فاطمة الظاهر

حوارات وشهادات بحق الموسيقار جميل سليم


 هذا المقال مقتبس عن مشروع بحث علمي قامت به الباحثة الموسيقية فاطمة الظاهر عن الموسيقار جميل سليم ، حاورت فيه كلاً من الناقد الفني عبد الوهاب الشيخلي والاستاذ غانم حداد والدكتور خالد ابراهيم والاستاذ سامي هيال ، ليتحدثون عما يعرفوه عن الموسيقار جميل سليم

الناقد الفني .عبد الوهاب الشيخلي
 
في مقابله للباحثه فاطمة الظاهر مع الناقد الفني الاستاذ المرحوم عبد الوهاب الشيخلي والتي تمت في 10/1/2004 ، في كلية الفنون الجميلة - قسم الفنون الموسيقية وبحضور الدكتور خالد ابراهيم ( رحمه الله ) ، قدم الناقد الفني شهادته بحق الموسيقار جميل سليم حيث يقول : " كان جميل سليم ( رحمه الله ) من أعز أصدقائي وقد دخلنا معهد الفنون الجميلة سويةً سنة 1948 عندما قبلنا عميد المعهد الشريف محي الدين حيدر للدراسه في المعهد ، تخصص جميل سليم بدراسة آلة العود ، وكان قوي بالايقاعات والصولفيج والتدوين الموسيقي والانغام ، مولع بعزف العود ، وتوجهنا سويةً للعمل في دار الاذاعة ونحن لانزال طلاباً في المعهد ، وانتمينا الى فرقة الموشحات سنة 1948 ، كان حميل سليم من أبرز المنشدين في الفرقة ، في الجانب الاخر كانت له مشاركات في الحفلات الاسبوعية الغنائية والتي كانت تبث اسبوعياً من دار الاذاعة وعلى الهواء مباشرةً ، لقد كان الراحل من الفنانين المبدعين في التلحين ، صقل موهبته بالمران ، وذو خزين واسع وكبير للموسيقى العربيه والغربيه والا لما أستطاع الابداع بموشح ( اللؤلؤ المنحدر ) وهو لا يزال بعمر 19 سنه وموشح مداك ما لا يحصر وهو بعمر 25 سنة ، بالحقيقة كانت له القابلية العظيمة في التلحين والتأليف الموسيقي ، الا انه في الوقت ذاته كان كالطفل حساس جداً ، فغالباً ما كنت أستفزه من خلال كتاباتي كناقد فني في (مجلة النديم ومجلة الاسبوع ) ، فكنت أوجه له بعض الانتقادات الفنية عن صوته الهادئ والناعم جداً ، وهذا ما كان يثيره ، حقيقةً أنا شخصياً كنت معجباً بصوته ، ألا انني أعلم ان المجتمع العراقي كان يحب مثل هكذا مقالات.. فكنت اكثر من الكتابة فيها ، كل هذا يجعل جميل سليم يغضب مني ويزعل .. ألا انه صاحب قلب كبير فكان سرعان ما يتصالح معي وترجع المياه الى مجاريها لأرجع وانتقده من جديد وهكذا ".
 
الاستاذ غانم حداد
 
وفي مقابلة خاصة قامت بها الباحثة فاطمة الظاهر مع الموسيقار المرحوم غانم حداد في 20/3/2004 ، حيث سافرت الباحثة خصيصاً الى عمان لمقابلته بعد ان وجدت في مذكرات جميل سليم العلاقة الحميمية التي تربطة مع الفنان غانم حداد وقد أعطى الفنان غانم حداد شهادته التالية بحق جميل سليم حيث يقول :" كان جميل سليم أثقف عضو في فرقة الموشحات الاندلسية العراقية ، يتكلم مع مؤسسها الشيخ على الدرويش الحلبي بلغه موسيقية بحته مما شد انتباه الشيخ واهتمامه به وهو لايزال بعمر 15 سنة ، وغالباً ما كان يكلفه الشيخ بأداء بعض المقاطع الفردية التي يتطلبها الموشح لتحفيظ المنشدين ، هذا قبل وصول الفنان روحي الخماش .. علاقتي بجميل سليم علاقة حميمية جداً وعائلية ايضاً ، رغم انني كنت قد تخرجت من المعهد قبل دخول جميل سليم الية بعدة سنوات ، وقد عملنا فريق عمل موسيقي وقدمنا الكثير من الاعمال الموسيقية والتقاسيم الشرقية لأذاعة صوت أميركا ، يشهد الجميع على ان جميل سليم ذو امكانيات فنية عالية ورفيعة المستوى أنه فنان موهوب ومقتدر ، ولكن هنالك مأخذ عليه أنه كان مترفعاً كونه يعرف نفسه أنه فنان من الطراز الاول ، كان بارعاً في تلحين الاغنيات وهو لايزال بعمر 15 - 20 سنه"
 
الدكتور خالد ابراهيم
 
 
وفي مقابلة الدكتور خالد ابراهيم ( رحمه الله ) ، المدرس في كلية الفنون الجميلة - قسم الفنون الموسيقية ، والتي تمت في 6/4/2004 في قسم الموسيقى في الكلية المذكورة .. حيث كان خالد ابراهيم أحد تلاميذ الفنان جميل سليم في معهد الفنون الجميلة / بغداد ، درس على يده عام 1958  ولسنة واحده فقط العزف على آلة العود ثم تحول في السنة الثانية في المعهد الى آلة الكمان وأكمل دراسته على يد الاستاذ آرام تاجريان .. وقد قدم لنا الحديث التالي :
 " لقد أثر الفنان جميل سليم بي كثيراً ، كان متمكناً في طرق التدريس التي يتبعها لايصال المعلومة لطلابة ، كان يبذل قصارى جهده لتحسين مستواهم ، درست على يده سنة واحده الا انني استفدت من دروسه المجانية الخاصة لي ولبعض الزملاء في التدوين الموسيقي والصولفيج ، وفي العام 1970 عندما رجعت من يوغسلافيه حاصلاً على الماجستير في القياده والتأليف ، عينت رئيس فرقة في الاذاعة فنفذت له العديد من اعماله التي كنت احفّظها للموسيقين والمنشدين ومن ثم اقودها وهو من يقوم على تسجيلها بالجلوس خلف المكسر بأعتباره كان مخرجاً موسيقياً بالاضافه الى كونه ملحناً وعضو لجنة فحص الألحان والاصوات في الاذاعه .. علاقتي بالفنان لم تكن علاقة عمل فقط وانما كانت علاقة صداقه واخوة .. جميل سليم أنسان رائع نقي صادق ومن طراز خاص .. فهو برئ ويعيش على حب الاخرين له .. سبق زمانه وعصره وترك بصماته على تلامذته والفنانين الموسيقيين ، كان دقيقاً جداً في أعطاء رأيه الخاص بالاعمال الغنائيه والموسيقية أثناء عملة كمخرج للصوت وهذا ناتج عن ثقافته الفنية المتميزة والتي لم تكن تحظي بالقبول لدى الاخرين .. اما اعماله فتمثل ذروة التلحين في الغناء العراقي ، والدليل اننا لازلنا حافظين لموشحاته منذ اكثر من 40 سنة ، وارجو منك ان تبحثي عن احد موشحاته المفقوده وهو موشح ( همسات بابلية) عندما لحنه كنت في الخارج لغرض الدراسة ، وهذا الموشح يتكون من مقطعين احدهما باللغه العربيه والمقطع الثاني كان باللغة الاسبانيه .. حاولي العثور علية.. رحم الله استاذنا القدير جميل سليم "
 
الفنان سامي هيال
 
الاستاذ سامي هيال أحد تلاميذ الموسيقار جميل سليم تمت مقابلته في 30/3/2004 في قسم الفنون الموسيقية - كلية الفنون الجميله عندما كان طالباً فيها ، تخرج من المعهد سنة (1980) وكان من العشرة الاوائل ، وتزامنت مدة دراسته مع أخر السنوات التي عاشها جميل سليم ، حدثنا عن أستاذه فيقول :" درست على يد الفنان جميل سليم العزف على آلة العود .. وكانت طريقة تدريسه ناجحه جداً تجعل حتى ابسط العازفين والمبتدئين يتمكنون من قراءة النوته والعزف ، ولو صادف ان يكون أحد الطلبة غير متمرن على العزف ، يسدل نظارته ويحدق به مما يجعل الطالب يشعر بالخجل والحرج الكبير ، لذلك كنا نتمرن بشكل كبير من اجل ان ننال رضى استاذنا ، وبهذا جعلنا من الطلبة المتميزين في العزف على آلة العود..الفنان جميل سليم لم يؤثر بي فنياً فحسب وانما أثر بي أنسانياً ايضاً .. لقد سألني يوماً ما وكان الوقت شتاء والجو بارد " لماذا يا سامي لم ترتدي الجاكيت " أجبته لا يزال الجو دافئ ، أستغرب من جوابي وفي الاسبوع التالي سألني نفس السؤال ، تشجعت واجبته انني لا املك جاكيت لكي أتدفأ به ، فأنهمرت دموعه من عيناها وسالت على نظارته ولم ينطق بكلمة بعدها ، وفي اليوم التالي جلب لي قمصلة جميلة واهداها لي ، لقد كان نعم الاستاذ والاب المثالي ، انساناً حنوناً وطيباً الى ابعد الحدود ، لهذا جميع طلابة يكنون له كل الحب والاحترام والتمسك بكل توجيهاته وارشاداته ، اما امكانياته الفنية فهذا لا يختلف علية اثنين فهو الفنان المبدع والحساس والمتميز عن الاخرين ، واساليب تدريسه في العزف بشكل منهجي وسهل ، اضافة الى كتابته النوطة بشكل سريع ودقيق لا هفوة فيها".
تهيئة الطابعة   العودة الى صفحة تفاصيل المقال