حكاية الخمار الاسود - أول أعلان تجاري في التاريخ

2014-05-12

فاطمة الظاهر

حكاية الخمار الاسود - أول أعلان تجاري في التاريخ


قصة هذه القصيدة المكونة من ثلاثة أبيات كما أوردها صاحب الأغاني في الجزء( 3 / 45 )

يحكى أن تاجرا من أهل الكوفة قدم المدينة بأخمرة نسائية فباعها كلها , وبقيت السود منها لم تنفق , وكان صديقا للمغني الشاعر الفذ ربيعة بن عامر الدارمي الملقب بالمسكين , المشهور بين أهل مكة بالظرف فشكا عليه ذلك الكساد الذي أصاب بضاعته من الخمار الاسود , لعله يجد سبيلا لإنفاذها وكان الدارمي قد تنسك وترك الغناء وقول الشعر , ولكنه إزاء إلحاح صديقه هداه تفكيره إلى القيام بعمل إعلان شعري غنائي للخمر السوداء’ حتى يتم بيعها وإقبال النساء عليها , ثم يعود إلى تنسكه الذي كان عليه فقال :

قل للمليحه في الخمار الأسود ماذا صنعت بزاهد متعبـد ؟
قد كان شمر للصلاة  ثيابـه حتى وقفت له بباب المسجد .
ردي عليه صلاته  وصيامه لا تقتليه بحق ديـن  محمـد
غنى في الأبيات صوتا رائعا شاع في الناس أمره , فلم تبق في المدينة فتاة او سيده إلا ابتاعت خمارا أسود . حتى نفذ كل ماعند العراقي منها .. ورجع الدارمي إلى نسكه .
وإذا كانت الأبيات قد اجتذبت قلوب النساء للشراء , فقد لقيت رواجا اقتصادي كبير لدى أصحاب الإعلانات .. وتأكد عمليا كيفية التآخي بين النشاط الأدبي والنشاط الاقتصادي , كما أثار هذان البيتان إعجاب الشعراء في الأجيال اللاحقة فقاموا بالمماثلة أو التفوق عليهما في العرض الاعلاني التجاري .
غنى هذه القصيدة العديد من المطربين وعلى رأسهم الفنان الكبير صباح فخري
وقد أعجب الفنان والملحن العراقي احمد الخليل بكلمات وقصة هذه القصيدة فقام بوضع لحن جديد لها ، بعد ان طلب من الفنان شعوبي إبراهيم زيادة ابياتها ، فعمل شعوبي على تخميسها
فأصبحت كلمات القصيدة كالآتي :

يا داعياً لله مرفوع اليد

متضرعاً متوسلاً بالمنجد

يا طالباً منه الشفاعة في غدِ

قل للمليحة في الخمار الاسود .. ماذا فعلت بناسكٍ متعبدِ

*****

يا ظبيةً جوراً اطلتي عذابه

وخلعت منه ثيابة وصلاته

وحسبتي انه قد اضاع صوابه

قد كان شمر للصلاة ثيابه .. حتى وقفت له بباب المسجد

*****

خليه مهتدياً يؤدي إداءه

فخشوعه وخضوعه فأمامه

محراب ربك لا تدقي عقابه

ردي عليه صلاته وصيامه .. لا تقتليه بحق دين محمد
 

وبعد هذا التخميس وزيادة ابيات القصيده اضاف عليها الملحن احمد الخليل نكهه صوفية خالصة من مقام السيكا العراقي لتتناسب مع كلمات القصيده بعد ان كانت تؤدى كأغنية طربية سريعة مثلما أدتها المطربه راوية في تسجيل يعود الى ستينيات القرن المنصرم ، ولم تسجل هذه القصيدة بعد زيادة ابياتها حتى قامت الباحثة الموسيقية السيدة فاطمة الظاهر بتسجيلها تحت أشراف وقيادة الدكتور خالد ابراهيم ... وبمصاحبة فرقة كلية الفنون الجميلة ... استمع الى القصيدة

قل للمليحة بالخمار الاسود - غناء فاطمة الظاهر

تهيئة الطابعة   العودة الى صفحة تفاصيل المقال