المدى تحتفي برمز من رموز التراث الموسيقي..سالم حسين... علامة فارقة فـي تاريخ الغناء العراقي
2016-05-19
فاطمة الظاهر
نقلاً عن جريدة المدى الالكترونية
2015/02/13 العدد:3287
بيت المدى يحتفي بواحد من رموز التراث الموسيقي..سالم حسين... علامة فارقة فـي تاريخ الغناء العراقي
احتفى بيت المدى وضمن منهاجه الأسبوعي أمس الجمعة برمز من رواد الموسيقى واللحن ، سخّر حياته لفنه ولتلامذته الذين منحهم خبرته واسمه خلال تجربة طويلة من عمره الفني، إنه سالم حسين الأمير الذي استعادت فرقة التراث البغدادي ذكريات مسيرته الحافلة إلى أذهان الناس. نخبة من الموسقيين والمؤدين والباحثين، بينهم عازف القانون جمال عبد العزيز والمطربان مجدي حسين وطلال علي وعازف الكمان إبراهيم السيد والإيقاعي سامي علي. وبيّن عريف الحفل الملحن محمد هادي أنّ المحتفى به علامة فارقة في تاريخ الفن الموسيقي والغنائي العراقي. وقال: كان بودنا أن يكون موجوداً بيننا، لكن صوتنا سيصله إلى بلجيكا حيث يقيم، لافتاً إلى انه لم يكن عاشقاً للقانون حسب وإنما هو شاعر وملحن ومؤلف موسيقي، لديه العديد من الكتب في هذا المجال. مشيراً إلى أنه واكب الكثير من الأسماء وكان أقربهم إليه الفنان ناظم الغزالي.
تجربته- سيرته
وابتدأ الحديث عن الأمير الباحث الدكتور حبيب ظاهر العباس معبّراً عن امتنانه لمؤسسة المدى لاستذكارها المتواصل للمبدعين والكفوئين من الرموز الوطنية في الثقافة والعلم والسياسة والفن. مشيراً إلى أنه زامل المحتفى به وعمل معه وعرفه عن قرب، لافتاً إلى انه كان عميداً لمعهد الدراسات الموسيقية، والفنان سالم حسين عمل معه مستشاراً وعازفاً للقانون في فرقة ناظم الغزالي،. وقال: الحديث عن فنان كبير ليس سهلاً أمام إنجازاته وعطاءاته التي تمتد لحقبة زمنية تتجاوز الخمسين عاماً، منوهاً إلى ان ما قدمه خلال تلك المرحلة قد لا يحققه فنان عربي في مجال اللحن والشعر والتنظير والتأليف الموسيقي. وأضاف: ولد الفنان سالم حسين في محافظة ذي قار عام 1923، ونشأ في بيئة مفتوحة للعلم والثقافة. وفي عام 36 تم افتتاح دار الإذاعة العراقية وتأسيس معهد الموسيقى. مشيراً إلى انه دخل معهد الفنون الجميلة عام 45. وتخرج في خمسينات القرن الماضي، فعمل مدرساً للقانون في المعهد وتتلمذ على يده فنانون بينهم حميد البصري وعلاء السماوي وجمال السماوي. مبيناً انه تعامل مع أغلب فناني الساحة الموسيقية منذ الأربعينات حتى نهاية القرن الماضي بينهم ناصر حكيم وحسين نعمة ولميعة توفيق وغادة سالم وسليمة مراد وفؤاد سالم وعبد الزهرة مناتي وغيرهم.
فرقة عشتار
فيما ذكر الفنان طلال علي أنه أسس مع الفنان سالم حسين في عام 2002 فرقة عشتار. وقال: كنت المغني الرئيس فيها، وهي عبارة عن إبراز لحضارة العراق القديمة من سومر وأكد وآشور. مبيناً أن ألحان المحتفى به كان لها صدى كبير بفضل خبرته وإبداعه، وبسبب أحداث عام 2003 توقفت أعمال الفرقة وسافر الفنان سالم حسين إلى خارج العراق. وقال: لكنّ نهج الفرقة بقي معنا وأنا شخصياً استمررت في طرحه لطلابي في معهد الفنون الجميلة، وإلى الناس الذين يعشقون الفنون الموسيقية القديمة.
مُلحّن وشاعر
وأشار الإعلامي علي ناصر الكناني إلى أن الفنان سالم حسين يعدّ من رواد الحركة الموسيقية ومؤسسيها، إضافة إلى كونه عازفاً للقانون إلى جانب بقية الآلات الموسيقية ، فقد كان ملحناً وشاعراً مبدعاً قدّم الكثير من أغنياته كلاماً ولحناً لمطربين عراقيين وعرب بينهم وديع الصافي وسعاد محمد وإسماعيل شبانة وفايدة كامل. وقال: عند لقائي به في دمشق أطلعني على الكثير من سيرته قبل سنوات. لافتاً إلى أهمية الاعتناء بالكفاءات والخبرات من الذين يعيشون في الخارج، وضرورة توجيه الدعوة لهم للعودة إلى الوطن.
الشاهد والمؤرخ
ومن جانبه أوضح الباحث كمال لطيف سالم أنه زامل المحتفى به زمناً طويلاً منذ سبعينات القرن الماضي حيث كان يلتقي معه في المناسبات الموسيقية، ثم تطورت العلاقة بينهما، وأثناء تأليفه لكتاب عن الفنان ناظم الغزالي اتصل به باعتباره الشاهد الأخير قبل موت ناظم الغزالي بساعات فقد كانا على موعد لإنجاز بعض الألحان. وقال: على ما أذكر أن الفنان سالم حسين كان مع الفنان ناظم الغزالي في سيارة واحدة حين قدما إلى بغداد في وقت الشتاء، وكان من المؤمل أن يلتقيا صباحاً ، لكن موت الغزالي حال دون ذلك اللقاء. لافتاً إلى أن سالم حسين يعد مؤرخاً لعدد من الكتب التي تؤرخ لفن الموسيقى، وأنه عزف على مسارح العالم وحصل على جوائز مميزة في هذا المجال.
أقدم عازف
وبيّن الفنان المطرب مجدي حسين أن المحتفى به سالم حسين يُعد من أقدم العازفين على آلة القانون، وكان يصاحب المرحوم ناظم الغزالي في جميع حفلاته وسفراته. وقال: لحن للكثيرن من المطربين أمثال فؤاد سالم وسعاد محمد وللعديد من مطربي الزمن الجميل.
الأب والراعي
وأشار عازف القانون جمال عبد العزيز إلى أن الفنان سالم حسين لحن لكبار المطربين، كما انه اكتشف المواهب ورعاها ودعمها ومنحها اسمه كالفنان فؤاد سالم الذي اسمه الحقيقي فالح والفنانة غادة سالم التي اسمها الحقيقي حليمة. مبيناً انه يعد من الرعيل الأول وهو الآن لم يزل مغترباً وحقه على الدولة مع الكثيرين من أصحاب الخبرة والكفاءات ان ترعاهم وتتفقدهم وتضعهم بالمكانة التي يستحقونها، وقال: لكننا نجد دائماً المبادرة في الاستذكار والاحتفاء تنطلق من مؤسسة المدى الراعية للثقافة والفن.
موسوعة موسيقية
ومن جانبه كشف الباحث الموسيقي حيدر شاكر حيدر ان الفنان سالم حسين يعد موسوعة للموسيقى العراقية فهو باحث موسيقي وشاعر مثقف ينتمي لمدينة الثقافة والأدب سوق الشيوخ. وقال: لا أعتقد على مر الزمن يوجد مثقف عربي لم يتأثر بموسيقى هذا الفنان الذي تجاوز عمره الثمانين عاماً. مشيراً إلى ان عمه الشيخ جميل حيدر قد ذكره في قصيدة بعنوان "منزل الألحان" يتحدث فيها عن زميله الشاعر والفنان سالم حسبن فيقول: أبا سوسن ما أسمى معانيك لدى فكري ـ مزاج كانفتاح الورد في إشراقة الفجر.
بصمة خاصة
وأشار الباحث الموسيقي محمد التميمي إلى ان المحتفى به قدم من مدينة سوق الشيوخ وحط الرحال في بغداد ليدخل معهد الفنون الجميلة مع عمالقة الفن ، أمثال سلمان شكر وجميل بشير، وقد تخرج من معهد الفنون بدرجة امتياز. وقال: له مواهب متعددة بينها الشعر والتلحين والعزف على القانون بصورة متميزة. لافتاً إلى انه التقى بالموسيقار محمد عبد الوهاب ولحن لعدد من الفنانين العرب بينهم وديع الصافي وسعاد محمد وفايدة كامل، كما التقى بكبار الفنانين العرب ،أمثال حسن المليجي زوج الفنانة شهرزاد التي لحن لها عدة أغنيات، كما لحن لحليمة أخت لميعة توفيق والتي سميت غادة سالم. مشيراً إلى انه يحب السفر، وقد زار بلداناً عربية وعالمية كثيرة، وله بصمة خاصة تفرد بها وهي انه في خلال ثلث ساعة فقط قام بكتابة وتلحين أغنيتين للفنانة لميعة توفيق!
وفي نهاية الحفل جرى تكريم عدد من المشاركين بشهادات تقديرية وهم: الباحث الدكتور حبيب ظاهر العباس والباحث حيدر شاكر حيدر والملحن الأستاذ محمد هادي والفنان المطرب مجدي حسين.
|