الإبداع في دور المغني والمطرب 

كثيرون ممن أعرف لا ينتبهون إلى دور الإبداع الذي يقوم به المغني أو المطرب في الأغنية فهم يفهمون أن الملحن أو المؤلف الموسيقي مبدع وأن الشاعر مبدع ولكن كيف وأين هو الإبداع في عمل أو دور المغني ؟ وهذا لا يحصل في تقييم العامة فقط بل نجد مثلا أن أم كلثوم وهي من هي عندما تم ترشيحها لنيل جائزة الدولة التقديرية كان هناك من يتساءل عن ماهية إبداعها إذ أن الملحن والشاعر يمكن أن يتصورونه مبدعا غير أن الإبداع في دور المغني ليس واضحا لديهم .

والحقيقة أن الأمر يمكن تمثيله لغرض التوضيح بالإبداع في عمل الممثل في السينما أو المسرح فهناك دوما مؤلف للقصة أو الرواية وهناك مخرج صاحب التصور الشامل لشكل الرواية بعد التمثيل ولكن المهرجانات السينمائيّة العالميّة تعطي الممثلين البارعين أرفع الجوائز مثلما تمنح المخرجين وغيرهم فأين الإبداع ؟

يكمن الإبداع أولا في تقمص وأعني  أن يعيش المغني في اللحن كما يعيش الممثل في النص ويقتنع به و كأنه هو واضع الكلمات واللحن ويحافظ على قواعد التعبير اللغوي والموسيقي بأرفع الصور ويؤديهما بدون أخطاء أو خروج عن النص  قدر الإمكان او ان يُغنيه جوهريا ،ومطلوب منه أن يُقنع المستمع أو المشاهد بما يقدمه لهم ،  وأن يكون المغني يفهم ماذا يعمل كما يفعل الممثل في السينما أو المسرح ويقول شيخ الملحنين زكريا أحمد إن المغني هو المسؤول عن أغنيته أمام الجمهور  والمستمعين أو المشاهدين وهو الذي يتلقى الإعجاب أو الإستهجان بشكل مباشر وأحيانا فوري ، إنه إبداع يشابه إبداع العازف أو الفرقة الموسيقية في الوقت الذي يكون العمل الموسيقي  من تأليف مؤلف آخر غير الفرقة ولهذا نرى أن المايسترو في الأوركسترا له أهمية  لا تقل أهمية عن دور المؤلف ويمكننا أن نشبّه الحالة بشكل تشبيه آخر فالتصميم الهندسي لأي مبنى يحتاج إلى منفّذ أو مقاول جيد لتنفيذه كما في التصميم وكم وجدنا مبان  ظهرت عيوب تنفيذها الكثيرة رغم أن التصميم جيد لا عيب فيه 

إن المغني أو المطرب يجب أن يكون مستوعبا كل نغمة ومقتنعا بها فضلا عن كل كلمة وهو يحل وقت الأداء محل الشاعر ومحل الملحن عند أدائه ليقدّم خلطة إبداعيّة موحدة