تحفل مسيرة الموسيقار ابراهيم السيد الموسيقية والحياتية بالعصامية والمثابرة والصبر , فهو من جيل كان ضحية للتحولات السياسية والحروب بكل صفحاتها التي مازال رمادها ينتظر عود ثقاب للاشتعال في اي وقت مع انه وصل الى عتبة الستينات من العمر التي أخذت الحروب منه أجمل سني حياته وعنفوان شبابه , فهو أنموذج لجيل من الصابرين والمثابرين والمبدعين اللذين نحتوا أسماءهم على صخرة الإبداع التي لم تقف الحروب حائلا بينهم وبين تحققها . وإذا ما أضفنا لكل ذلك ولادته ونشأته الأولى في محافظة العمارة التي كانت تعاني من الإهمال والتهميش حالها حال كل مدن جنوب الإبداع والحضارة والتي زاد من معاناتها أنها كانت جبهات وممرا لحروب الدكتاتور ومغامراته العسكرية , حينها ندرك حقيقة نبوغه وصبره وأصالة منجزه الإبداعي .
إبراهيم السيد من مواليد العام 1962 في محافظة ميسان ، بدأ دراسته الابتدائية والثانوية في مدارسها , وبسبب نبوغه واهتماماته الموسيقية لفت أنظار معلميه وخاصة أساتذة مديرية النشاط المدرسي (في عام 1973 وهو تلميذ في الصف الخامس الأبتدائي) التي كانت تتبنى المواهب ورعايتها وتنميتها , لذا تخصص بتعلم وتنمية مهارات العزف على آلة الكمان التي كان يعشقها والتي ظلت مرافقة له في مسيرة حياته الفنية والتي منح أوتارها دفق عشقه وفرحه وأحزانه , وهمومه ومناغاته العاطفية والحياتية . وقد كان تفوقه على اقرانه في سرعة أجادته العزف واكتساب ثقافة موسيقية علمية أهلته وهو صبي في المرحلة الدراسية المتوسطة وفي العام 1976 الى الالتحاق بفرقة نقابة فناني البصرة , التي كانت واحدة من أهم فرق محافظة البصرة التي كانت تزخر بالأنشطة الفنية والثقافية والتي كانت تنافس بغداد كحاضنة للثقافة والإبداع أن لم تتفوق عليها في بعض الجوانب ومنها فن الأوبريت الذي تفردت به فرق البصرة الموسيقية.
لقد منح الالتحاق بالفرقة الفنان ابراهيم السيد الاعتراف به كعازف محترف على آلة الكمان , كما منحته الثقة بالنفس وتطوير ثقافته الموسيقية , التي توجت بمهارة تلحين الأغاني وموهبة التأليف الموسيقي التي تعتبر ذروة إبداعه وتفرده عن أقرانه في الوسط الإبداعي الموسيقي من خلال تآليفه السيمفونية التي تعتبر ذروة الإبداع لما تحتويه من تعقيد وبناء موسيقي مركب ومستويات لحنية وتوافقات بين الآلات الأوركسترالية , وله أكثر من مؤلف سيمفوني أحدهم يحكي قصة (مملكة ميسان) التي شكلت علامة فارقة في تاريخ مدينة العمارة , وبدلا من أن يحتفى بها كأول عمل سيمفوني عراقي خالص من قبل وزارة الثقافة العراقية وفرقتها السيمفونية الوطنية بدلا عن ذلك يلقى هذا العمل التهميش والإهمال .
ومع بدء الحرب العراقية الإيرانية التي كانت احدى جبهاتها مدينتي العمارة والبصرة , أرضا وشطا وبعد أن امتلأ الفضاء بنيران ودخان الحروب لم تجد النوارس بدا من مغادرة شطآن الخليج وشط العرب باتجاه وجهات أكثر أمانا , كذلك فعل أغلب مبدعي محافظات الجنوب ومنهم الفنان ابراهيم السيد في الهجرة الى قلب العاصمة بغداد التي كانت في ذروة نشاطها الفني وخاصة الموسيقي الذي كان الجزء الأكبر منه مكرس لأغاني الحرب والتعبئة لها . وبسبب اكتمال ونضج أدواته اللحنية والعزفية وإمكانياته في التدوين الموسيقي للألحان , لم يجد صعوبة في العمل مع اغلب الفرق الفنية عازفا على آلة الكمان حينا وملحنا حينا آخر , وقد شهدت هذه الفترة وما تلاها غزارة وتنوع في إنتاجه الفني , وقد كان لمشاركته في برنامج (أصوات شابة) الذي كان يشرف عليه ويعده الفنان الرائد فاروق هلال , فرصة لتأكيد قدرته اللحنية وتفوقها من خلال المشاركة بأغنية (لو تنسة ما أنساك) من تلحينه وغناء المطرب الميساني علي عبدالنبي الذي أجاد بغناءه وتفوق على كثير من الأسماء الغنائية المشاركة في البرنامج كالمطرب كاظم الساهر وحسن بريسم ومحمود أنور وغيرهم الكثير من خلال فوزه كأفضل مطرب .
ومع أن الساحة الغنائية الرسمية كانت مكرسة للحرب ومع أن الفنان ابراهيم السيد كان منخرطا كجندي لتأدية الخدمة العسكرية الإلزامية , ومع ذلك وجد فسحة من الوقت لصياغة الكثير من الألحان لمطربين كبار مثل ياس خضر ورضا الخياط وكذلك لجيل من المطربين الشباب منهم المطربة سيناء وكل من المطربين كريم منصور الذي غنى له الكثير من الألحان وكذلك عبد فلك ورائد جورج وسهى عبدا لأمير ومنى العبدالله التي اشتهرت بأغنيتها (صدكوني مامليتكم ) في تسعينيات القرن الماضي .
لم تنحصر تجربة الموسيقار السيد عند تلحين الأغاني والمؤلفات السيمفونية والموسيقية وتوزيعها , بل تعدتها الى تلحين مجموعة من الأناشيد الوطنية والأوبريتات , مثل تلحينه لأوبريت ( سلام على بغداد ) للفرقة القومية أداء المجموعة ، كما وضع نشيد ( علم العراق ) للشاعر ابراهيم النويصر أداء كلاً من ياس خضر ورضا الخياط وعبد فلك ومحمد السامر
كذلك أنشودة ( سننتصر) كلمات وليد الشطري الحان وتوزيع إبراهيم السيد وأنشودة التحرير غناء الفنان مالك محسن.... وغيرها ، ومن أعماله الوطنية الاخرى فقد غنى لة ياس خضر ( لايك عليكم النصر ) وذلك بمناسبة تحرير مدينة الموصل من الهجمة الداعشية الشرسة ، وانشودة ( لا لتقسيم العراق ).
كذلك حفلت مسيرته اللحنية بتأليف الموسيقى التصويرية لعدد من المسلسلات التلفزيونية والبرامج الإذاعية منها مسلسل ( طريق نعيمة) التي غنى مقدمتها الموسيقية الفنان كريم منصور , ومسلسل ( فدعة) .
كما ألف العديد من الأعمال الموسيقية في قالب ( الفوجة) ، كذلك أربعة مؤلفات سمفونية بالقالب المنهجي الكلاسيكي.
عمل عازف كمان في العيد من الفرق الفنية العراقية ، ومشاركاً في معظم المهرجانات التي أقيمت في بابل وبغداد.
وهو يعكف الآن على التوزيع والأشراف على ألبوم الباحثة الموسيقية فاطمة الظاهر في توثيق الموشحات العراقية في ستوديوهات مدينة الفن
هذه السياحة المختزلة في منجز الموسيقار ابراهيم السيد الغزير بإنتاجه الإبداعي وتنوعه قد لا تكون كافية لجرد تفصيلي ونقدي لهذا المنجز , ولكنها كافية الى حد ما في التعريف ببعض منه , لسد الفجوة الإعلامية التي ترتكبها الكثير من وسائل الأعلام بحق مبدعين كبار , بعدم الإشارة الى الملحن أو المؤلف للأعمال الغنائية في ترويجها لعمل غنائي وتكتفي باسم المطرب . وفي هذا ظلم وإجحاف كبير بحقهم
وعلى الرغم من الامكانيات الفنية التي يمتلكها الموسيقار إبراهيم السيد ، إلا أنه آثر تكملة دراسته الاكاديمية .. فقدم الى كلية الفنون الجميلة / قسم الموسيقى / جامعة بغداد ، ونال درجة البكالوريوس في الموسيقى وذلك في العام 2000.
وهذه نماذج لبعض الأعمال التي لحنها الموسيقار ابراهيم السيد لبعض المطربين
1 - رائد جورج أغنية ( لو عندي حظ وياك )
2 - المطربة سهى عبد الامير أغنية ( جاي تكلي شلونك)
3 - المطربة منى العبدلله أغنية ( فرق بين الأريدة وأغنية صدقوني ما مليتكم )
4 - الفنان مالك محسن أغنية ( لا تعتب ولا تلوم)
5- المطربة اللبنانية موشح ( قل للعباد).
6- الفنان عبد فلك ( هسة أرتاح قلبي ، بكيفك من تجي ، فدوة لله والعطيته )
7 - الفنان كريم محمد أغنية ( عسى الله يهديك ، أرحل أرحل )
8 - الفنان رياض كريم أغنية ( كلشي وإلة شي )
9 - الفرقة البصرية ( عجب كل العجب ، وأريد أنساك لكن ) لحبيب الدوركي