تجليات مقام الدشت عرب العراقي بصوت الفنان حامد السعدي - تحليل ميزوجولوجي الأستاذ الموسيقي علي المعلا

2020-11-09

تجليات مقام الدشت عرب العراقي بصوت الفنان حامد السعدي - تحليل ميزوجولوجي الأستاذ الموسيقي علي المعلا

 الوتر السابع


 تجليات مقام الدشت عرب العراقي 

كتابة : الباحث الموسيقي الأستاذ علي المعلا
(( مواطن الجمال والثراء النغمي في صوت شيخ قراء المقام الكرام في العراق ))
(( الحاج حامد السعدي ))      الموقر .
لعمري صدق الفؤاد وما ضل او غوى 
حين وصفه نابغة العصر , الراحل الاستاذ محمد القبانچي  رحمة الله عليه .
قائلا (( انني اعتمد على القارئ الشاب حامد السعدي واعتبره افضل حلقة لتواصل المقامات العراقية في سلسلة المراحل الزمنية ))
وما جاد به , اسطورة القراء , الراحل الاستاذ يوسف عمر , رحمة الله عليه .
واصفاً إياه (( حامد السعدي , خليفتي من بعدي )) 
لمحة تاريخية موجزة حول - مقام الدشت عرب - العراقي 
يعتبر احد اشهر المقامات المقيَدة في العراق كونه يتضمن ثلاثة انغام متفردة 
النغم الاول : حسيني على درجة الدوگاه .
النغم الثاني : چهارگاه على درجة الچهارگاه . 
النغم الثالث : حجاز مثنوي على درجة الدوگاه .
ويصاحب موسيقاه , ايقاع وميزان اليگرك المركب , اثنا عشر من ثمانية 8/12 
وقد ابتكره قارئ المقام العراقي الكبير الراحل , الاستاذ ( احمد زيدان ) المتوفي سنة 1912 رحمة الله عليه , حين شاع في بغداد استعمال مقام الدشت الفارسي على يد بعض  العمال من الجالية الايرانية الذي كانوا يعملون في مجال نقل البضائع في سوق الشورجة وسط مدينة بغداد انذاك في نهايات القرن التاسع عشر , حيث طلب منه ارباب المقام العراقي  , ان يقرأ لهم مقاماً عراقياً  يحمل ذات الشجن والوجع العراقي العميق بعيداً عن الروحية الفارسية ومن ذات النغم تحديداً , وكان ذلك تحدياً عظيماً بالنسبة له , فطلب منهم ان يمهلوه  بعض الوقت , وبالفعل ما هي الا خمسة ايام او نحو ذلك , حتى جاءهم بقراءة جديدة , لنغم دشت العرب المسمى - دشت عراق -  بروحية عراقية خالصة بعيدة عن الدشت الفارسي , تحمل عبق وجمال العراق في حلة جديدة تتضمن ثلاثة انغام مختلفة  , هي الحسيني  , والچهارگاه ,والحجاز مثنوي .   
ولم يسبق لأحد من القراء تناول وقراءة هذا المقام لصعوبته المتناهية كونه من المقامات المركبة والمقيدة والذي يتطلب مهارة عالية  في اداء درجات جواب الجواب وهي صيحات عالية تسمى بالميانات القصوى واذن موسيقية مرهفة تستطيع التحويل من نغم الحجاز مثنوى الى نغم البيات في درجات القرار , وهذة الانتقالة النغمية لا يقوى على أداها سوى الفحول من القراء  وهم قلائل جدا ً , وقد تناوله بعد الراحل احمد زيدان , القراء الكرام رشيد القندرچي والراحل يوسف عمر فقط , رحمة الله عليهما اجمعين , حتى جاء فحل الفحول في قراءة الانغام , العارف في اصول النغم وبحور المقام , الحاج حامد السعدي , المحترم  , امد الله في عمره .  
الجانب الميزوكولوجي : في قراءة شيخ القراء الكرام نيافة وجناب الحاج حامد السعدي المحترم 
لمقام ( دشت عرب ) المسمى  - دشت عراق
في قصيدة الشاعر الراحل الكبير : حافظ ابراهيم رحمة الله عليه 
كم تحت اذيال الظلام متيم    دامي الفؤاد وليله لا يعلم
ما انت في دنياك اول عاشق     رامية لا يحنو ولا يترحم 
اشكو لذات الخال ما صنعت بنا     تلك العيون وما جناه المعصم 
هذا الذي من بعض ماكابدته     من ناظريك وما كتمتك اعظم  
القالب : مقام عراقي .
مكونات المقام : ثلاثة انغام - الاول نغم الحسيني - الثاني نغم الچهارگاه - الثالث نغم الحجاز مثنوي.
ابيات الشعر : الاول والثاني نغم حسيني - الثالث - چهارگاه - الرابع نغم حجاز مثنوي .
التونيك - درجات الركوز : صول النوا في نغم الحسيني - درجة الكرد مي بيمول في نغم الچهارگاه - درجة الزرگولاه في نغم الحجاز مثنوى .
الميزان العام : من بداية القراءة حتى الدقيقة ( 2:38 ) ايقاع وميزان الوحدة الطويلة , اربعة من اربعة 4/4.
ثم بعدها يبتدأ ميزان اليگرك , اثناعشر من ثمانية 8/12 حتى نهاية القراءة .
اللازمة الموسيقية : عدد ( 3) الاولى من نغم حسینی البيات والثانية من الچهارگاه والثالثة من الحجاز .
زمن اللازمة :  اربعة موازير موسيقية متصلة .
التوناليتا : صول سهم رمل توتي جواب النوا - سنبله مي بيمول جواب الكرد - شهناز- جواب الزرگولاه.
التونينا: ثلاثة اجناس -الاول بيات - الثاني چهارگاه - الثالث حجاز .
المدى اللحني : من درجة فا - قباچهارگاه قرار القرار الى درجة  - لا - جواب جواب الحسيني .
 المدى الصوتي: اوكتاف عدد اثنان زائدا نصف اوكتاف  ( اوكتافين ونصف الاوكتاف ) .
التكنيك المقامي المستخدم : عدد اثنان (2) التكنيك الاول يسمى ( اللعلاع ) وهو الصوت العالي جدا في اداء درجات جواب الجواب .
التكنيك الثاني : يسمى ( البنتايه ) وهو استخدام البحة الصوتية في درجات القرار .
المسار النغمي ( تبتدأ موسيقى المقام على ايقاع الوحدة الطويلة ذي الميزان الرباعي البسيط اربعة من اربعة 4/4 بأداء نغم الحسيني من البيات مصوراً على درجة النوا , وقد ابتدأ القراءة بتكنيك ( اللعلاع ) المشهور في المقام العراقي مبتدءاً القراءة من درجة - السهم  رمل توتي - جواب النوا مزخرفاً النغم بدرجة - لا - جواب جواب الحسيني , بأداء (8) ثمانية موازير متصلة بتكنيك - اللعلاع - وهو اداء الدرجات العليا من المقام من درجات جواب الجواب , وهذا ما لا يقوى عليه سوى فحول القراء الكرام .
حتى الثانية ( 40:00) بعدها نستمع الى اللازمة الموسيقية التي تستغرق اربعة (4) موازير موسيقية متصلة وعند الدقيقة الثانية (2:00) يعاد نفس النسق السابق وكأن القارئ يريد ان يؤكد قدرته في التحدي بإعادة القراءة لتأكيد قدرتة الابداعية والصوتية في اداء الدرجات العليا من نغم الحسيني المصور على درجة النوا .
وعند الدقيقة (2:38) يبتدأ التحويل الى نغم جديد وهو نغم الچهارگاه مصوراً على درجة - مي بيمول الكرد - وصولاً الى جوابها - درجة السنبله - مصحوباً بأيقاع وميزان اليگرك المركب ذي الوزن الاثناعشري , اثناعشر من ثمانية 8/12 وذلك ابتداءاً من الدقيقة ( 3:48) مجسداً قراءة نغم الچهارگاه من اعلى درجات الجواب , مطعماً اياه بجنس قصير من نغم الراست يكاد لا يلحظ , مبتدأ من درجة الراست وصولاً الى درجة - لا بيمول حصار - ثم يعود تدريجياً للاستقرار بنغم الچهارگاه مصوراً على درجة مي بيمول الكرد .
وعند الدقيقة (4:58) يبتدأ التجلي باداء نغم الحجاز مثنوى مصوراً اياه على درجة - دو دييز  ري بيمول زرگولاه , مبتدءاً القراءة من درجة الشهناز  جواب الزرگولاه , مترنماً بأداء النغم من الدرجات العليا لنغم الحجاز مثنوى وصولاً للاستقرار وانهاء القراءة على نغم البيات المشرب بنغمة الحجاز على ذات الدرجة وهي درجة زرگولاه , وبهذا التصرف الابداعي الجميل الذي قل نظيرة , تتبين لنا قدرة القارئ الحاج حامد السعدي , في اداء نغم الحجاز مثنوي ونغم البيات على ( عربة موسيقية ) وهي نصف تون , وليست درجة اعتيادية واحده ذات بعد تون كامل , وهذا الامر بحد ذاته يعتبر من الاعجاز النغمي الذي لا يقوى عليه سوى فحول القراء الكرام .
ومن خلال تتبع المسار النغمي لقراءة مقام الدشت عرب - بصوت الحاج القارئ حامد السعدي , امد الله في عمره نلتمس مدى صعوبة وعسر اداء هذا المقام المقيد  في تركيبه النغمي , مع لحاظ اداء تكنيك ( اللعلاع والبنتاية ) والركوز على عربة موسيقية مترنماً بأداء نغمين مختلفين هما الحجاز مثنوي والبيات معاً, مما يجعلنا ندرك ملامح القوة والجمال والقدرات الابداعية للحاج حامد السعدي في اداء اصعب المقامات العراقية واعقدها على الاطلاق .
ملاحظة مهمة الى طلبة الموسيقى :
 ايقاع وميزان اليگرك المثبت في اغلب المراجع العلمية يأتي على نحو اثناعشر من اربعة 4/12
لكن الصحيح احتسابه اثناعشر من ثمانية 8/12 عند قراءة المقام العراقي , وذلك كما احتسبه الاستاذ الراحل الكبير , استاذ مادة النظريات في معهد الفنون الجميلة - قسم الموسيقى  , الاستاذ عبدالوهاب بلال , رحمة الله عليه, حيث قمت باعتماد تجربته لهذا الميزان , وقد وجدته صحيحاً بما لا يقبل الشك على الاطلاق لانسجامه التام مع الميزانين الرباعي والسداسي في ذات الوقت. 
طاب لكم الاستماع ايها الاحبة , مع التقدير 
علي المعلا 
الجمعة - ٤ آب - ٢٠١٧
 

 

 

تهيئة الطابعة   العودة الى صفحة تفاصيل الخبر