تفاصيل الخبر
زرياب - فيض من نور اشرق في ظلمة الاندلس
2013-09-19
تنوية : هذه اللوحه المرفقة للفنانه العراقية الكبيرة وداد الاورفلي
زرياب هو أبو الحسن علي بن نافع، موسيقي ومطرب عذب الصوت من بلاد الرافدين من العصر العباسي (عاصر الخليفة المهدي). لُقِّب بـزرياب وهو اسم طائر أسود اللون عذب الصوت يعرف بالشحرور.
ولد زرياب في الموصل ونشأ في بغداد وكان تلميذا لإسحق الموصلي بصورة سرية إلى أن أتقن فن الغناء عليه ففي ذات يوم طلب الخليفة هارون الرشيد من إسحق الموصلي أن يأتي معه بمغن جديد يجيد الغناء، فأحضر إسحق زرياب فاستأذن من الخليفة بأن يغني فأذن له وأنشد يقول:
يا أيها الملك الميمون طائره هارون راح إليك الناس وابتكروا
إلى أن أكمل نوبته, فطار الرشيد فرحا وتعجب منه كثيرا وطلب من أستاذه إسحق أن يعتز به، إلا أن إسحاق داخله الحسد والحقد فهدد زرياب وخيره اما ان يخرج من بغداد أو أن يغتاله، فرجح زرياب الخروج من بغداد فخرج وتوجه إلى الأندلس وكان الخليفة هناك عبد الرحمن الثاني، فكتب زرياب إلى الخليفة يستأذنه بالدخول إلى بلاده فرد عليه حسنا ورحب به، وبعد أن دخل بلاط الخليفة وأصبح من حاشيته غنى بحضرته وما أن سمعه الخليفة حتى شغف به وقربه إليه وأصبح نديمه ومن أقرب الناس إليه. وعندما اشتهر زرياب في الأندلس وتمركز بها وقد لقب زرياب بالقرطبي إذ بدأ نشاطه في مدينة قرطبة فأسس دار المدنيات للغناء وللموسيقى يضم أبناءه الثمانية وابنتيه إضافة إلى عدد آخر من المغنين وتعتبر هذه أول مدرسة أسست لتعليم علم الموسيقى والغناء وأساليبها وقواعدها.
وصفوة القول أن زرياب لم ينقل إلى المجتمع الأندلسي فنون الموسيقى وضروب الغناء فقط، وإنما نقل إليه أوجه الحياة الحضارية التي كان المشارقة ( العباسيون) ينعمون بها، فكان بذلك من أهم عوامل التواصل بين مشرق العالم الإسلامي ومغربه في ذلك العصر ، حيث نقل زرياب الكثير من الاشياء إلى الاندلس غير الغناء والموسيقى.. فهو الذي نقل أحسن الأقمشة وأزهى الألوان من بيوت الخلفاء العباسيين إلى بيوت النبلاء في الاندلس ، وكتب تاريخ الأندلس تعطي من صفحاتها مساحات كبيرة للرجل الأسطورة زرياب وتنسب إليه أنه ارتقى بالذوق العام في الأندلس.. دون الرجال والنساء.. ووصفوه بأنه الرجل الشيك في كلامه وطعامه. وأنه كان يلفت الأنظار إلى طريقته في الكلام والجلوس إلى المائدة أيضا. وكيف يأكل على مهل ويمضغ ويتحدث ويشرب بأناقة ، وكان يضع على مائدته الكثير من المناديل، هذه لليدين وهذا للشفتين وهذا للجبهة وهذا للعنق.. وهو أول من لفت أنظار النساء إلى أن مناديل المرأة يجب أن تكون مختلفة اللون والحجم وأن تكون معطرة أيضا.
وأدخل زرياب إلى أوروبا وجبات الطعام الثلاثية الأطباق: تبدأ بالحساء (الشوربة), ثم يتبعها الطبق الرئيسي, اما من اللحم, أو السمك, أو الطيور, ثم تختتم بالفواكه والمكسرات, وأسس أول معهد للموسيقى في العالم في مدينة قرطبة. وفي الزي والتصميم تخير زرياب البساطة والتناسق والرشاقة, وادخل الشطرنج إلى الأندلس ومنها إلى أوروبا, و(الشاه مات) بالعربية ما زالت مستخدمة في أوروبا والعالم إلى اليوم(Shahmat).
يعتبر زرياب هو السبب في اختراع الموشح لأنه عمم طريقة الغناء على أصوله ، وكانت هذه الطريقة هي السبب في اختراع الموشح.
أدخل زرياب على فن الغناء والموسيقى في الأندلس تحسينات كثيرة وأهم هذه التحسينات:
1- جعل أوتار العود خمسة مع العلم أنها كانت أربعة أوتار فاكتسب به عوده ألطَفَ معنى وأكمل فائده
2- أدخل على الموسيقى مقامات كثيرة لم تكن معروفة قبله
3- جعل مضراب العود من ريش النسر بدلا من الخشب
4- افتتاح الغناء بالنشيد قبل البدء بالنقر، كما أنه أول من وضع قواعد لتعليم الغناء للمبتدئين وأهمها هي
5- يتعلم المبتدئ ميزان الشعر ويقرأ الأشعار على نقر الدف ليتعلم الميزان الغنائي
6- يعطى اللحن للمبتدئ ساذجا خاليا من كل زخرفة
7- يتعلم المبتدئ الزخرفة والتغني في الألحان مع الضروب بعد تعلمه الميزان والضرب واللحن. وقد وضع أسسا وقواعد لفحص المبتدئين قبل قبولهم
وهي أن يجلس المبتدئ في مكان عال ثم يوعز إليه بأن يصبح بجواب صوته ثم ينزل تدريجيا إلى قراره، وبهذه الطريقة كان يعرف مدى صوته وحلاوته.
وقد نقل زرياب من بغداد إلى الأندلس طريقتين في الغناء والموسيقى هما :
طريقة الغناء على أصول الموشح ، وطريقة تطبيق الإيقاع الغنائي مع الإيقاع الشعري
فقد ورث هذا الشعور من أستاذه إسحاق الموصلي الذي ورثه عن أبيه إبراهيم الموصلي وعن عمه أبو لمامه
طريقته في تخريج المغنّين
كان زرياب إذا أراد أن يعلّم تلميذاً أمره بالقعود على وسادة مدوّرة، فإن كان ليّن الصوت أمره أن يشد على بطنه عمامة؛ لأن ذلك يقوي الصوت، فلا يجد متسعاً في الجوف عند الخروج من الفم. فإن كان لا يقدر على أن يفتح فاه، أو كانت عادته أن يضمّ أسنانه عند النطق، أمره بأن يدخل في فيه قطعة خشب عرضها ثلاثة أصابع، يُبيتها في فمه ليالي حتى ينفرج فكاه. وإلى زرياب يرجع الفضل في تعليم الجواري الغناء في عصره والعزف على العود، ومن هؤلاء غِزلان وهُنَيدة، ومنهن منفعة التي اشتهرت بفرط جمالها، وقد أعجب بها (عبد الرحمن)، فأهداها زرياب إليه، فحظيت عنده.
توفي في قرطبة سنة 230 هـ الموافق 845 م.
للمزيد ... شاهد فلم - على خطى زرياب عن حياته في الاندلس ... فكرة عبدالكريم سكار - مختصر حِوار مع جريدة "النصر" الجزائرية
المزيد من الاخبار