الغجر - أصولهم ، نشأتهم ، المهن التي يمتهنونها - الجزء الاول
2015-08-03
الغجر : بحث مقدم من الفنان حسين فجر
بحث واعداد : حسين فجر
الغجر هم أقوام اختاروا لحياتهم أسلوبا فريدا يختلف عن الشعوب التي يجاورونها ...(( وفي العالم اليوم خمسة ملايين غجري يتجولون في أرجاء الأرض )) وقد بدأت دراسة هذه الأقوام في القرن الخامس عشر ((ولم يصبح علم الغجريات (الجيبسولوجي) فرعا من علم السلالات إلا في القرن التاسع عشر )) . ولهذه الفئة تسميات مختلفة في دول العالم (( ففي فرنسا يطلق عليهم (جيتان) وفي اسبانيا (بسكاي) وفي روسيا(چد) وفي إيران (زانگي) وفي انكلترا وأمريكا (جبسي ) )) وغيرها من التسميات , أما في العراق فيعرفون بالكاولية أو ( الكيولية ) أما في الموصل وشمالها فيسمونهم ( القرچ ) وأهل مصر يدعونهم (غجر ) وفي الشام ( نوًر ) وفي شمال حلب وشرقها يسمونهم ( القرباط ) وفي أوربا الشرقية كرومانيا ويوغسلافيا وبلغاريا فيطلق عليهم ( التسيگان
وأصل لفظة غجر تركية من ( كوچر ) بجيم فارسية مثلثة ومعناها ( الرحًل ) ولا يزال البعض في تركيا يسمونهم ( الكوچر ). وأيا ً كانت تسميتهم فهم يمتهنون الرقص والغناء وصناعة الآلات الموسيقية وبعض الحرف اليدوية لصناعة الحلي والأسنان وبرعوا في الصناعات الفضية والمعدنية ومنها صناعة الخناجر والسكاكين كما امتهنوا مهن أخرى غير الغناء منها التجارة خلال ترحالهم بين القرى و الأرياف ويتشاركون بعض الصفات مع البدو .
ان بعض العلماء اعتبر الغجر من البدو وذلك بسبب ترحالهم الدائم ... وسيأتي خلال البحث انهم يشاركون بعض الصفات مع البدو ولكنهم يختلفون عنهم كثيرا .
أصولهم ارتبط أصل الغجر بأساطير قديمة جاءت من الغجر أنفسهم وجاء البعض الأخر من غيرهم .ولكن علماء الغجريات يتفقون على الأصل الهندي للغجر . (( ولم يتردد بعض الباحثين في اعتبار الغجر من سلالة قابيل الملعونة معتمدين على ماجاء في العهد القديم – سفر التكوين – الإصحاح الرابع عدد 12 (متى عملت في الأرض لاتعود تعطيك قوتها .تائها هاربا تكون في الأرض )
ويقول الموسوعي د . علي النشمي ((اختلف العالم في أصول الغجر ومن أين جاؤا من أفغانستان في الألف الميلادي ومروا بالشرق الأوسط وانقسموا إلى قسمين : فرع ذهب إلى تركيا ومنها عبر البسفور إلى أوربا وكوًن الجاليات الكثيرة في شرق أوربا والبعض منهم واصل الطريق إلى ايطاليا وفرنسا حتى استقر بهم المقام في اسبانيا الأندلس وبذلك فأن الغجر انتشروا في كل أوربا . أما القسم الأخر فانه انتشر في الشام والعراق وبعضهم عبر سيناء واستقر في مصر )) ، وأما الباحث نبيل المزيني فيقول (( بدءوا بالهجرة سنة 1000 قبل الميلاد وكان سبب هجرتهم الغزوات البربرية آنذاك وهم من الشعوب القوقازية السمراء من حيث التصنيف العرقي .. وقد شق الغجر طريقهم الى الحياة عبر عشرة قرون في أربعين بلدا مختلفا ))
اختلف العلماء في أصل هذه الكلمة فالدكتور مصطفى جواد يرى ان تسمية كاولي ترجع الى اسم مدينة "كابل" عاصمة أفغانستان بالرغم من أصولهم الهندية حيث جائت هذه التسمية جراء مرورهم من السند إلى إيران حيث ان مدينة "كابل" تسيطر على المدخل الغربي لممر خيبر الواصل بين السند وأفغانستان )) ويقول الباحث حميد الهاشمي ((إن كابل باللغة التركية بمعنى (مهجوم خرب ) وان الكاولي باللغة التركية تعني من خرب بيته وبقي متجولا )) ((وهناك رأي أخر يقول إن كلمة كاولية مشتقة من التكول بمعنى التجمع .. وهناك من يقول ان الكاولي نسبة إلى كول (قرية بفارس ) )) . وراي يقول انه كان لهم ملك اسمه كاول نسبوا إليه ..
يذكر الدكتور علي الوردي في كتابه – دراسات في طبيعة المجتمع العراقي - ص97
نظرة المجتمع العراقي للغجر (الكاولية ) ان المجتمع العراقي له تركيبه مختلفة عن المجتمعات العربية وغير العربية التي تجاوره , يقول الدكتور علي الوردي : ((إن علماء الاجتماع في الغرب قد اعتادوا الى تصنيف السكان إلى فئتين مختلفتين هما أهل الريف وأهل المدن . أما في بلادنا فينبغي أن نضيف إلى هاتين الفئتين فئة ثالثة هي القبائل البدوية المترحلة )) وينظر إليهم المجتمع نظره ازدراء بسبب اختلاط منهم بقضايا غير اخلاقية . ويوجهون لهم اقبح الشتائم امام الملا . واقسى ما يقول لشخص في العراق "انت كاولي ابن كاولي" ((وهذه النظرة الفوقية لايختلف بها اهل العراق عن باقي شعوب الارض في نظرتهم للغجر, مما جعل الدراسات عنهم نادرة جدا واهملها المثقفون والفنانون ولم يتناولو تراثهم وفنونهم بالدراسة والتحليل الا القليل .. وهذا القليل يكاد يكون سطحيا وليس ذو فائدة علمية ))
ويقول الباحث حبيب محمد تقي (( منذ ان وطأت مجاميع الهجرات الاولى للغجر القادمة من شبه الجزيرة الهندية واسيا الصغرى ارض الرافدين قبل مئات السنين وهم يعانون القهر والظلم والرفض والعزله التي فرضها عليهم المجتمع من جهة بسبب خصوصية الثقافة التي يتميز بها هذا النسيج والمتمثله بالتحرر من بعض القيم السائدة والمتصادمه مع الموروث الثقافي والاجتماعي والديني للمجتمع العراقي المحافظ ))
المهن التي يمتهنونها (الرقص والغناء والموسيقى هي من اهم المهن التي يمتهنها الغجر في العراق ((كما انهم يعملون اعمالا عديدة كتربية الخيول وقراءة الطالع واعمال السحر والشعوذة )) وتصليح الاسنان كما برعو في تركيب الدواء العشبي والقليل منهم امتهن التسول , وقد نجدهم انخرطوا في المجتمع دون ان يفصحوا عن اصولهم الغجريه . ومعظم هذه الاعمال يتشاركون بها مع بقية الشعوب الغجرية في جميع انحاء العالم .. (( والغجر مولعون بالحصان . والحصان هو الصديق الحميم الدائم للرجل الغجري ويعتبر ان خبرتة بالخيل من أنبل المهن . وانها الحرفه الوحيدة التي يتفاخر بها الغجري )) حيث نجدهم يربون الخيول ويقودونها في سباقات المراهنه المعروفه بالعراق (الريسز ) .
نهاية الجزء الاول من بحث الغجر للفنان حسين فجر
غناء الغجر من التراث العراقي
أغنيات غجرية من التراث الروسي مأخوذة عن حياة الغجر في فلم (Platoon goes to heaven)