مركز الوتر السابع للفنون والتنمية المستدامة

كنعان وصفي

بحث وأعداد : الباحثة الموسيقية فاطمة الظاهر

الفنان العراقي الكبير كنعان وصفي الذي مازالت أعماله السينمائية والتلفزيونية محط أحترام وتقدير الجمهور العراقي والعربي الى جانب أعماله الموسيقية الكبيرة وخاصة اللحنية منها والتي قدمها لعشرات المطربين العراقيين الرواد والشباب مازالت حاضرة الى يومنا هذا ، تبوأ الراحل منصب مدير وحدة الموسيقى والغناء في المؤسسة العامة للأذاعة والتلفزيون خلال سنوات الثمانينات وكان مثالا للمدير الناجح الذي تراس مفاصل القسم بكل حرفية ومهنية.

كان القسم يقدم الأعمال الموسيقية والغنائية التي كانت في قمتها عندما كان القسم يضم كبار الملحنين والموسيقيين والمطربين الى جانب كتاب وشعراء الأغنية العراقية التي أزدهرت في سبعينيات القرن المنصرم وكان الراحل في ذات الوقت يتنقل ما بين بغداد والقاهرة وبيروت بهدف أشتراكه في بطولة عدد من الأفلام العربية ، فسجل الراحل حظوراً متميزاً وكبيراً وهو يقف مع كبار الممثلين العرب خلف الكاميرا وبهر المخرجين بأداءه المتقن والحرفي حتى صار بطلاً لأدوار الشر والأجرام ونال أعجاب الجمهور العربي والعراقي ، والراحل متعدد المواهب فهو من جانب إنه أحترف الموسيقى والتلحين والتمثيل وكان رساماً ماهراً ومصمماً لعدد من ديكورات الأعمال الفنية وملحناً بارعاً لعدد من الأغاني الوطنية والعاطفية .

نهاية السبعينيات من القرن المنصرم كان الراحل مدير وحدة الموسيقى والغناء للأذاعة والتلفزيون فكان يتردد على ستديو الموسيقى في الدائرة ويتابع كيف كانت تقاد الفرقة الموسيقية وملاحظاته للمطربين وكان في المقابل يتردد على الأستوديوهات الأذاعية ويتابع في أوقات فراغه عملية المونتاج للبرامج الأذاعية فيبدي ملاحظاته وأقتراحاته التي أسهمت بتطوير البرامج الأذاعية المنوعه حتى صار صديقا للجميع يستشيرونه بالمقدمات الموسيقية التي يختارونها لبرامجهم وهو يبدي سعادته الكبيرة ، كان الفنان كنعان وصفي ودودا وطيب القلب ومجاملاً ومرحاً جداً ويمتلك روح النكتة بالرغم من المرض الذي بقي ينهش بأمكانياته وحركته ، كان قوياً وشجاعاً يتغلب على أصعب الظروف التي آلمت به ، الفنان الراحل كنعان وصفي الذي قدم أضافة الى أعماله الموسيقية اللحنية لكبار المطربين والرواد راح يتعامل مع شريحة الشباب من المطربين ويساعدهم ويمد يد العون اليهم ، فلحن أجمل الأغاني للمطرب الشاب الصاعد أحمد نعمة وكانت أغنيته (على العنوان) وهي من أجمل وأروع ماغنى أحمد نعمه وأخذت شهرة واسعة في ثمانينيات القرن الماضي

نستطيع أن نطلق عليه الفنان العراقي الكبير لما قدمه من منجز فني فأشتهر وصفي في السينما المصرية لقدراته العالية ومواهبه الفنية المتنوعة .. فتوزعت أعماله الفنية بين السينما والمسرح والتلفزيون والتلحين والغناء والرسم.

الراحل في سطور

اسمه الكامل كنعان علي وصفي ولد في الموصــــــــــــل 2 / 9 / 1932 وهو من القومية الكردية ، أنتقل الى بغداد ثم حلب وبيروت وأستقر به المقام في مصر أوائل الخمسينيات من القرن الماضي .. وقد درس في معهد الموسيقى العالي بالقاهرة ، حيث تعرف على زوجته المصرية التي توفيت عام 1992 وله منها ثلاثة أولاد (كريم وناغين وسالين )

شارك كنعان وصفي في العديد من الأعمال الفنية منها الغناء والتلحين والتمثيل والرسم .

بدأ مسيرته الفنية في عام 1948 رساماً لصور الفنانين ثم غادر العراق الى سوريا ثم بيروت ، حيث أخذ يعمل في رسم ديكورات المسرح الصيفي في كازينو ( بطرس ) وكان أثناء عمله يغني أغنيات محمد عبد الوهاب مما لفت أنتباه صاحبة الكازينو ( نادية شمعون ) فأعجبت بصوته وطلبت منه الغناء في الكازينو فحقق نجاحاً باهراً ، منطلقاً في عالم الغناء ثم التمثيل

ـ بدأت خطواته الحقيقية مع الغناء في أوائل الخمسينيات وكانت مع الموسيقار الحلبي محمد ابراهيم الدرويش وهو من اعلام الموسيقى في حلب فأعطاه لحناً وسجله له .

ثم التقى بالمؤلف الموسيقي الفنان المصري علي اسماعيل وقدم له أغنية ( في سكون الليل )

وفي أيام العدوان الثلاثي على مصر شكل ثلاثياً مع كارم محمود وفائدة كامل في عدة أغنيات وطنية أدت به الى مصاف النجومية في الغناء منها أغنية ( بلادي بلادي ) للفنان الخالد سيد درويش ، التي أداها بشكل متميز لقوة حنجرته وحسن ادائه

ـ شارك في عدد كبير من الأستعراضات الغنائية نذكر منها على سبيل المثال أوبريت (مهر العروسة) مع شريفة فاضل ، أوبريت (وداد الغازية) مع هدى سلطان ، أوبريت (حمدان وبهانه) مع شريفه فاضل (وقد عرض بكثرة في تلفزيون بغداد في الستينيات) وأوبريت (الشاطر حسن) وغيرها من الأستعرضات الغنائية

ـ كان أول ظهورٍ له على شاشة السينما عام 1957 في فيلم (تمر حنه ) وهو فيلم مصري أشتهر عرضه في دور السينما ببغداد وكان هذا الفيلم من تمثيل عدد كبير من كبار الفنانين المصريين منهم نعيمه عاكف / رشدي اياظة / احمد رمزي / عبد الوارث عسر / والمطربة فائزة احمد التي غنت في الفيلم أغنية ( يا تمر حنه) وأغنية ( يمه القمر عالباب )

ـ ثم شارك عام 1960 في فيلم (صراع في الجبل ) اخراج حسام الدين مصطفى ومن بطولة رشدي اباظه ومحمود المليجي وبرلنتي عبد الحميد

ـ شارك 1961 في فيلم (عاشور قلب الاسد) امام عبد السلام النابلسي .. تلك كانت بدايات ظهوره على شاشة السينما .

أفلامه العربية التي شارك فيها

ـ شارك في العديد من الافلام المصرية مع مشاهير السينما ومن هذه الافلام ـ(حياة عازب 1963 ) (كنوز 1966 ) (المساجين الثلاثة 1968 ) (هي والشياطين 1969 ) ( عنتر يغزو الصحراء 1969 ) ( الشجعان الثلاثة 1969 ) (أخطر رجل في العالم 1970 ) ( حياة خطرة 1971 ) ( الشيماء اخت الرسول 1972 ) (ولدي 1972 ) (شياطين البحر 1972) (عودة أخطر رجل في العالم 1973) (الرغبة والضياع 1973 ) (الشياطين في اجازة 1973 ) (قاع المدينة 1974 ) ( لهيب الانتقام 1995 ) ( الحفار 1995 ) (مهمة في تل ابيب 1995 ) مع ناديه الجندي .وربما تجاوزت الافلام التي ظهر فيها المئة فيلم.

أفلام عراقية شارك فيها

شارك في بعض الافلام العراقية من ابرزها : فيلم (القادسية 1981 ) ( فتى الصحراء بدور والد عنترة) ، كما شارك في بعض أفلام السكرين

مشاركاته في أعمالٍ مسرحية و تلفزيونية

كان كنعان وصفي فناناً شاملاً وشارك بعض الأعمال الأذاعية والتلفزيونية والمسرحية ، وأول ظهور له دور بطولة في مسرحية عرضت على مسرح الأوبرا المصرية في القاهرة في خمسينيات القرن الماضي وهي أوبرا مسرحية ( الأرملة الطروب ) المعربة مع مغنية الأوبرا المصرية الدكتورة رتيبة الحفني بصوت السوبرانو الأوبريت النادر " الأرملة الطروب " - رتيبة الحفنى و كنعان وصفى

<br>

أخرج مسرحية (يريد يعيش ) من تأليف ابراهيم الهنداوي ، وشارك في مسرحية ( الحرامي ) من أخراج فتحي زين العابدين وبعض المسرحيات الأخرى ، ومن أعماله التلفزيونية في العراق تمثيلية ( مسألة خاصة في مكتبة عامة ) مع الفنانة القديرة ناهده الرماح . شارك في بعض المسلسلات الكارتونية المدبلجة مثل ( نبيه وصالح ) مع جعفر السعدي وفوزي مهدي وعزيز خيون وأقبال نعيم وصبحي الخزعلي الذي أخرجه د. عوني كرومي .

الأعمال الغنائية التي شارك فيها ، بعد عودته الى العراق

ترأس قسم الغناء والموسيقى في الأذاعة والتلفزيون لعدة سنوات ولحن لعشرات الاصوات الغنائية العراقية مثل : فاضل عواد / انوار عبد الوهاب / صباح السهل / مائدة نزهت / احمد نعمه … كما لحن وغنى بنفسه بعض الألحان والأناشيد منها نشيد فلسطيني بعنوان الرباعية ..

قصيدة (صدفهً ) لانوار عبد الوهاب الحان كنعان وصفي ومن كلمات الراحل سامي مهدي.

توفي الفنان الراحل كنعان وصفي في 28 آب 2000 بعد ما أنجز ما يقارب من مئة فيلم سينمائي وعدداً من المسرحيات والتمثليات والاغنـــــــــيات واللوحات الفنية .

لقد مات الفنان كنعان وصفي مهموما والعبرة تخنق انفاسه !!!!

مات بالحسرة والألم والحيرة في حين أنه تمنى أن تنتهي حياته (كفنان) على صهوة الفن في أستديو أو على خشبة مسرح أو امام الكاميرا 
شجونه بدأت في عام 1992 عندما توفيت زوجته المصرية الأصل والتي عبر عنها الفنان حيث يقول "مع وفاة زوجتي بدأت أصعب أيام حياتي " والتي تعرف عليها أثناء دراسته في المعهد العالي للموسيقى في القاهرة عام 1963 وعاش معها 29 عاما ثم جاءته اللطمة الثانية عندما تجاهلته الحركة الفنية في العراق إذ عاش أعمالا غير طبيعية ولا تليق بمكانته الفنية مما حدا به الى مغادرة العراق والعودة الى مصر ثانية ولم يمض فيها مدة طويلة حتى عاد مجدداً الى العراق ليجد أمامه مشكلة كبيرة أجهزت على عمره وقلبه المتعب حيث وجد هاتف شقته في مجمع الصالحية مدين للدولة بسبعة ملايين دينار كأجور مكالمات خارجية رغم انه كان في خارج القطر ولايتصل بأحد في الخارج من داخل العراق.. وقد تبين أن إحدى بناته كانت تجري أتصالات خارجية مع خطيبها الذي كان يعيش في أميركا .. حاول أن يسوي المشكلة مع دائرة الأتصالات ولكن دون جدوى ، ثم التقى بوزير المواصلات ووزير الاعلام كي يحل مشكلته لكن دون جدوى أيضاً فعاش كآبة وحيرة و وحدة أصابته بجلطة في الدماغ أودت بحياته في 28 اغسطس من العام 2000 م عن عمرٍ يناهز الثامنة والستون وبعد أن أنجز ما يقارب من 112 فيلماً سينمائيا و300 أغنية .
الجدير بالذكر إن ابنه كريم كنعان وصفي من أشهر الموسيقيين في العراق وهو عازف على آلة الجلو. 
 أغنية ( حلم وردي) الحان وغناء كنعان وصفي