إيقاع الجورجينا العراقي - الباحثة الموسيقية فاطمة الظاهر
2020-07-20
إيقاع الجورجينا العراقي - الباحثة الموسيقية فاطمة الظاهر
يعتبر إيقاع الجورجينا إيقاعاً عراقياً بحتاً وغير موجود (بشكله المتعارف عليه في العراق) في الموسيقى العربية لأغلب الدول العربية ولا في الموسيقى الغربية. ولكنه موجود مع بعض الاختلافات البسيطة في تركيا وبعض دول آسيا.
أن إيقاع الجورجينا ينتهي أو يبطل العمل به فقط لدى عبور الحدود العراقية باتجاه سوريا والأردن. غير أنه موجود في تونس ولكن بعض الموسيقيين التونسيين يقولون بأنه ليس إيقاعاً تونسياً في الأصل ، وفي الموسيقى اليونانية فلديهم إيقاع شبيه كثيراً بالجورجينا العراقي و لكن مع اختلاف بسيط وباسم آخر. في وسط العراق، غالباً ما يكون هذا الإيقاع بطيئا وفي الشمال وتحديداً في الموصل وكركوك يكون سريعاً، وفي تركيا يكون بطيئا جدا أحياناً.
أول ظهور لأيقاع الجورجنينا في العراق كان في مدينة الموصل في نهاية القرن التاسع عشر وهنالك من يقول ان إيقاع الجورجينا ورد الى الموصل من مدينة كركة التركية ، وقد أستخدمه الملا عثمان الموصلي في أغلب تنزيلاته وابتهالاته الدينية وأشتهر استخدامه مع بدايات القرن العشرين حين أنتشر في مدينة بغداد فأبدع في التلحين فيه العديد من الملحنين البغداديين ودخل في أغلب البستات العراقية التي تعقب المقامات العراقية
أن ما يحكم الاعمال الموسيقية والغنائية ثلاثة عناصر وهي ( الإيقاع واللحن والأداء) ، سأتناول فقد الإيقاع بأعتبار حديثنا عن إيقاع الجورجينا العراقي .. يعتبر الإيقاع هو الأساس الذي يبنى عليه اللحن فهو كأساس البنيان ( البتلو) لا يمكنك أن تبني بيتاً دون أن تضع له الأساس أولاً ، من هنا نفهم أهمية الإيقاع في الأعمال الفنية الموسيقية.
يتكون الإيقاع في كل موسيقات العالم من جزئين مهمين وهما ( الدُم والتَك ) فالدُم هو الضغط القوي والتك هو الضغط الخفيف ، وهنالك جزء ثالث يسمى ( أس) ويعني السكتة اي لا يأتي فيه ضغوط ( ولكن هنالك أستثناءات لهذا الأس حيث بعض عازفي الإيقاع يعملون على ملئ الأس بالنقر الخفيف لتحليةً الأيقاع).
يتميز كل ايقاع بمقياس أو زمن يستخدم في التدوين الموسيقي لبيان عدد الضربات في كل مازورة و زمنها .. وكيف لنا ان نعرف زمنها ؟ نعرفه من العلامات الموسيقية التي يكتب بها الإيقاع
فالإيقاع يكتب للأعمال الفنية كما تكتب النوتة الموسيقية على المدرج الموسيقي ، وتكتب بالعلامات الموسيقية التي كل واحده منها تدل على زمن النوطة الموسيقية وزمن الإيقاع ، كأن يكون أيقاع بطئ او إيقاع سريع ، وكلما صغرت العلامة كلما كان الإيقاع سريع وممتلئ والعكس صحيح عندما تكبر العلامة يصبح الإيقاع بطئ وممدود ، وهذه العلامات وهي ( الروند وهي العلامة المدورة وهي اكبر قيمة زمنية على المدرج الموسيقي) ، يأتي بعدها ( بلانش اي البيضاء وهي نصف الروند اي علامتين من البلانش تعمل روند واحدة) ثم ( نواروتسمى السوداء وهي ربع الروند اي 4 علامات من النوار تساوي روند) ثم ( كروش ذات السن الواحد وهي 8/1 قيمة الروند اي كل 8 علامات من الكروش تعمل روند واحدة ) ثم (دبل كروش ذات السنين وتساوي 16/1 من قيمة الروند اي 16 علامة من دبل كروش تعمل روند واحدة) ... ثم يأتي التربل كروش والكواتربل كروش وهكذا
انظر الى الصورة رقم (1)
هنالك نوعين من الإيقاعات ( إيقاعات بسيطة وإيقاعات مركبة )
الأيقاع البسيط مثل 4/2 او 4/4 ... لو حللنا ايقاع 4/2 ويلفظ أثنين أربعة والمقصود به ان البار الموسيقي الواحد فية وحدتين زمنيتين (وهو ما يدل عليه البسط اي الرقم العلوي) بنبرين مختلفين احداهما دم (قوية ) والأخرى تك (ضعيفة) أما الرقم السفلي فيدل على قيمة الزمن الرباعي (نوار) وهذا يعني ان البار الواحد في المؤلفة الموسيقية تحتوي على وحدتين زمنيتين من نوع النوار ( دُم ، تَك ) ، أذن نفهم من هذا ان البار الواحد فيه (ضربتين من نوع نوار..( دُم ، تَك) ، ونفس التطبيق يصح على 4/4 اي ( أربعة ضربات من نوع نوار) ( دم ،تك ، دم ، تك) وكذلك إيقاع الدارج 3/4 وهو الفالس في الموسيقى الغربية ، ويعني ( ثلاث ضربات من نوع النوار في البار الواحد ) ( دم ، تك ، تك)
البار : هي فقرات زمنية محددة على المدرج الموسيقي ويأتي تحديدها من الإيقاع نفسه حيث تُفَصلْ هذه الفقرة أستناداً لطول الإيقاع وتتكرر هذه الفقرات على كل العمل الموسيقي وكل فقرة تأخذ أيقاع كامل وكل أعادة للإيقاع يدخلنا بفقرة زمنية جديدة اي ( بار) جديد وهكذا .. مثال على ذلك ناخذ إيقاع الدارج والذي هو الفالس كما قلنا ( دم ، تك ، تك ) هذه فقرة ، ثم تعاد ( دم ، تك ، تك ) هذه فقرة ثانية وهكذا يمتد هذا العمل بتقسيم المدرج الموسيقى الى مجموعة كبيرة من الفقرات والتي كل فقرة تحوي أيقاع كامل (دم ، تك ،تك )حتى نهاية العمل الموسيقي او الغناء حتى لو غير الملحن بالإيقاع كأن ينتقل الى إيقاع جديد فيجري نفس التقسيم لفقرات جديدة للإيقاع الجديد.
إيقاع الجورجينا العراقي يعتبر من الإيقاعات المركبة وليست البسيطة 16/10 ، حيث الرقم عشرة وهو (الرقم العلوي) يعني عدد الوحدات الزمنية في البار الواحد ، أما الرقم 16 فهو يشير الى زمن الوحده الموسيقية وهي (الدبل كروش ذات السنين) التي قلنا عن قيمتها الزمنية تساوي 16/1 من زمن وحدة الروند. فيكون 16/10 ويعني أن البار الواحد فيه عشر وحدات زمنية من نوع دبل كروش ذات السنين ، فيكون الإيقاع ( دُم ، تتك ، دُم ، تك ، أس)
انظر الصورة رقم (2)
تسيد إيقاع الجورجينا على الغالبية العظمى من موشحات وأبتهالات ملا عثمان الموصلي وهو أول من أستخدمه، ثم تسيد على أغلب الغناء العراقي والمربعات البغدادية منذ بداية القرن العشرين وحتى عقد السبعينيات والامثلة عديدة على ذلك مثل الأغنيات ( ميحانة ميحانة ، منك ياالأسمر گلبي تفطر ، گللي يا حلو منين الله جابك ، گلبك صخر جلمو ، أحبك وأحب گلمن يحبك ، يا گلبي سل وأذوب ، هذا مو إنصاف منك ، الأفندي ، أنا من أگولن آه ، عمي يا بياع الورد ، تجفي وتصل لعداي ، وغيرها الكثير)... ومن الموشحات التي وثقتها بصوتي وكانت على أيقاع الجورجينا موشح ( مداك ما لا يحصر ، ايها الساقي إليك المشتكى ، الغصن أذا رآك مقبل ، قضى الليل يا معجلو ) فهذه الموشحات جميعها لحنت على إيقاع الجورجينا العراقي ، وتجد الإيقاع واضحاً جداً في الموشحين لملا عثمان الموصلي وهما ( الغصن أذا رآك وموشح قضى الليل يا معجلوا) استمع اليهما.
فاطمة الظاهر موشح " الغصن أذا رآك مقبل " كلمات أبي بكر زهر الأندلسي - الحان ملا عثمان الموصلي
قاطمة الظاهر - موشح قضى الليل يا معجلوا - كلمات وألحان ملا عثمان الموصلي
تمرين على إيقاع الجورجينا تأليف الموسيقار روحي الخماش