تفاصيل المقال
ناظم الغزالي .. عبقرية الابداع الفني في الاداء المقامي المعاصر
09-07-2020
ناظم الغزالي .. عبقرية الابداع الفني في الاداء المقامي المعاصر
لايختلف اثنان بان ناظم الغزالي فنان ذكي و ناجح الى حد كبير ، و لما كان كذلك فإنه لابد له من ان يذكرنا و في مناسبات عديدة بقيمة المقاييس الأدائية للغناء المقامي و التي أسبغ عليها تفسيراً اقرب إلى العبقرية ..و بذلك يكون الغزالي المعبر عن وجهة النظر المعاصرة بحق بل و حتى المستقبلية..."
"بلا ريب أن ناظم الغزالي و سليمة مراد كانا قد امتازا بغنائهما للبستات التراثية إضافة إلى أغانيهما الملحنة ، وهذا كوّن تصوراً بأنهما متخصصان بالأغاني و البستات دون المقام العراقي....وهذا الكلام حول فن الغزالي فيه إجحاف لا يستحقه لأنه كان بارعاً في غناء البستة والأغنية وبارعاً كذلك في غنائه للمقامات التي أداها على قلتها...لا أريدك عزيزي القارئ بكثرة الحديث و التعليق على هذا الموضوع على أنه كلام فقط بل أدعوك إلى سماع ناظم الغزالي في مقاماته مثل الصبا وقصيدة سمراء من قوم عيسى وكذلك مقام المخالف ومقام المدمي ومقام الحويزاوي الذي اختار له قصيدة البهاء زهير : وقائلة لما أردت وداعها ، وكذلك مقاماته الأخرى..لتطلع بنفسك على مدى نجاحه الفني في أسلوب غنائه المقامي المغاير لأساليب جميع مؤدي المقام العراقي.."
" ولابد لي هنا من قول الحق محاولاً وضع الأمور في نصابها وإعطاء الحق إلى مستحقه..ذلك ان الجماهير المحبة للمقام اعترضت على مقامات ناظم وعابت عليه أداءها والتزمت في منظورها جانب العرض الأصولي التقليدي و التعابير القديمة البالية وطالبت به بالرغم من كل مخلفاته الأدائية وقد أغفلت وتغافلت غيرة و حسداً وبكل تعصب ووقاحة وجهالة الجانب الفني للأداء المقامي المعاصر الذي امتاز به الغزالي ، وطالبت وبقيت تطالب بكل جهالة وتجاهل بالرجوع إلى الطرق البدائية المتخلفة في كثير من جوانب الأداء المقامي و البقاء على شكله و مضمونه القديم الذي أصبح لا يلائم جماليات العصر الراهن ، إضافة إلى ذلك أقول..إثباتاً لما سبق أن المقامات التي أداها ناظم على قلتها و على حجمها المقامي ، هي في الحقيقة أفضل بكثير من حيث الأداء الفني و الجمالي المعاصر من جميع المؤدين الذين قاموا بتأدية نفس هذه المقامات ، وما عليك عزيزي القارئ إلا أن تستمع إلى هذه المقامات الغزالية و تقارنها بنظيراتها بأصوات المؤدين الذين أدوا تلك المقامات ، عندها ستكتشف وتطلع على مدى الإبداع الفني للعملية الأدائية التي أنجزها الغزالي."
" بعد كل هذا كيف لا يكون الغزالي ( مقامياً )..؟؟ لقد كرس الغزالي جهوده الفنية في إبراز الروح البغدادية في الأداء المقامي في أبهى صورها...من جانب آخر فإنه من الناحية الأستاتيكية يعتمد الأداء على تصميم داخلي معقد ينطوي بناؤه أدائياً وفكرياً على معان مختلفة تنبثق من روابط المكونات بعضها ببعض للحصول في نهاية الأمر على الوحدة المتماسكة المكتملة في عملية النتاج الفني للأداء."
" إن تجارب بعض المؤدين الخالصة خلال هذا القرن توحي بنجاح المحاولة فكانت الإبداعات الفردية التي جاءت بواسطة رائدها و مثيرها الأول محمد القبانجي وتلتها المحاولات الأخرى ويمكن أن نختار أحد هذه الأسماء المبدعة ناظم الغزالي المؤدي المقامي المتحضر الذي قلب موازين ومفاهيم كثيرة تخص شأن الأداء المقامي ، و اقترب كثيراً من الأسلوب العلمي و الفني للأداء بشكل عام سواء في الأغنية أم في المقام ، حاول فيه تطبيق ما درسه أو تعلمه بالفطرة...في أداء الجمل الغنائية مراعياً فيها الرموز التعبيرية العالمية المعروفة في الأداء الغنائي و الموسيقي التي بواسطتها يتلون الأداء و تتنوع تعابيره. حيث كان يراعي فيها مواقع الضغوط الإيقاعية و الأدائية مثل شدة قوة الصوت وقوته أو خفوت الصوت بشدة أو خفوته أو متوسطة وكذلك الأخذ في الشدة تدريجياً أو التنويع بين تقطيع الجمل الأدائية أو ربطها وغيرها من التلوينات الأدائية التعبيرية التي كان يشعر أو يفهم أن العملية الأدائية تحتاجها..و اذا استطعت عزيزي القارئ و السامع فاسمع إلى بعض مقاماته مثل مقام البنجكاه الذي يغني فيه قصيدة جعفر الحلي : يا قامة الرشأ المهفهف ميلي.."
من كتاب ( المقام العراقي الى اين ..؟؟) لقاريء المقام العراقي الاستاذ حسين اسماعيل الاعظمي
المزيد من المقالات