تفاصيل المقال
من ذاكرة الغناء العراقي: منيرة الهوزوز
04-11-2014
عرفت منيرة الهوزوز برقة صوتها وعذوبته وقد عاصرت منيرة المطربة سليمة مراد، وان كانت سليمة سابقة لها في الغناء وقد حملت الاثنتان الغناء والطرب في زمن لم يكن لهن من منافس وقد ملأتا العراق غناءً شعبياً أطرب النفوس ، وتعتبر منيرة أول من غنت الأغنية الشعبية-الهوزوز- حتى شاعت هذه الأغنية فصارت على كل لسان، وبدأ الناس يدعونها بـ-منيرة الهوزوزـ
بدلا من منيرة عبد الرحمن ، لقد أثرت هذه المطربة كمثيلاتها بالشعراء
وقد خصها الشاعر معروف الرصافي بقصيدة قال فيها:
هل سمعتم منيرة قد أفاضت
ببديع الغناء في كل فن
خلق الله صوتها العذب
كيما يعرف الناس كيف حسن التغني
ويقول عنها الأستاذ صادق الأزدي:
في العشرينات وكنت احد طلاب الدراسة الابتدائية في مدرسة التفيض الأهلية- عرفت المطربة- منيرة الهوزوز- عن طريق أغانيها المسجلة على اسطوانات وقد شاع استعمال الحاكي- الفونغراف- في البيوت والمقاهي وكانت إحدى الشركات الأجنبية قد جاءت الى بغداد وقامت بتسجيل الأغاني والبستات الشعبية والمقامات العراقية فصار الحاكي زينة البيوت وله المنزلة الأولى في المقاهي ، كانت منيرة واحدة من مطربات الملاهي البغدادية مع جمهرة من المطربات أمثال جليلة ام سامي وبدرية أنور وسليمة مراد وخزنة إبراهيم وغيرهن كثيرات.
ويضيف الأستاذ صادق الأزدي: بعد ان احترفت العمل الصحفي دعاني زميل لحضور حفلة زفافه على واحدة من ابنتي- منيرة الهوزوز- بالتبني، وكانتا من الراقصات المبتدئات وأقيم حفل الزفاف في شقة تقع في الطابق الثاني من بناية تجاور ملهى أبو نواس مقابل حديقة الأمة اقيم حفل الزفاف ذاك في نهاية الأربعينيات ولم يدم الزواج طويلاً كما توقعت وقد أتاح لي ذلك الحفل فرصة التعرف على منيرة الهوزوز التي كانت قد تركت الملاهي عام 1940 قبل ان تبلغ نصف القرن من عمرها مع ان كثيرات غيرها قد واصلن العمل حتى بعد الستين.
ما هو الهوزوز؟؟
بعد أيام يقول الازدي من ذلك اللقاء وكنت اسهر في احد ملاهي بغداد- فجاء صاحبه واحتل كرسيا على مائدتي فتذكرت منيرة الهوزوز فسألته ما معنى الهوزوز فأبتسم وقال:
ما الذي ذكرك بها! فرويت له حكاية لقائي بها.. وقلت: أنت من قدامى أصحاب الملاهي وما أشك في انك عرفتها منذ بداية سطوع نجمها كمطربة فما هي حكايتها.. فلم يجبني فوراً؟ وانما سكت قليلاً قبل ان يقول:
يا سيدي.. أمن الضروري ان ننبش القبور! ولكن صدقني إنني لا اعرف من اين جاءت.. كل الذي اعرفه انها بدأت حياتها في الملاهي ولما غنت الأغنية الشعبية - يعيني الهوزوز يا من كالوا يساهي العين تزوج - صارت تعرف باسم منيرة الهوزوز، الهوه وز- هو الغرام الهووز- أي الحب كله؟
اللقاء الأخير مع الهوزوز؟
في عام 1950- قال لي صديقي اكرم احمد رحمه الله- وكان يلقب بشاعر الشباب، قال لي:
فلانة تعتب عليك لأنك لم تقم بزيارتها ترقد مريضة..
ولما اعتذرت لأنني لا اعرف أين يكون بيتها أرشدني اليه ولم أجد صعوبة في الوصول اليه لوقوعه قرب إحدى دور السينما، وفضلت ان أزورها بعد الغروب حتى لا اجد عندها الكثير من عوادها فهي فنانة ليل لها معارف، ولما ضغطت على زر جرس الباب، فوجئت بـ(منيرة الهوزوز) وهي تطل عليّ من وراء الباب التي فتحتها وكانت تلف رأسها وصدرها بـ(فوطة) فرحبت بي وأدخلتني بعد ان وضعت (إستكان الشاي) أمامي وقالت:
أنا معجبة بـ(فلانة) فهي راقصة رشيقة وقد دربتها على بعض حركات الرقص الشرقي، فسألتها بدهشة:
وهل تجيدين الرقص؟ قالت:
كنت ارقص وأغني.
فاغتنمت الفرصة وسألتها: وأين كانت بدايتك الفنية؟
فصمتت طويلاً:
وقد كسا وجهها الاكتئاب، وتذكرت لحظتها ما أومأ اليه صاحب الملهى الذي سألته عنها فقلت: اعني في أي ملهى كانت الليلة الأولى لك في دنيا الليل؟ أجابت وقد اختنق صوتها: في ملهى الهلال بالميدان.. وتنقلت من ملهى الى اخر.. وها انا هنا ما أعجب الدنيا يا أستاذ! لقد انتهيت بعد صيت عريض وأموال وفيرة والعشرات من المعجبين حولي، صحيح إنني ما زلت حية الا إنني مت كفنانة.
قلت لها: من هم الذين تعرفت عليهم؟
قالت: عرفت من الشعراء الرصافي عبد الكريم العلاف، الملا عبود الكرخي، وعبد الغفور البدري ونوري ثابت صاحب جريدة (حبزبوز) وعبد الأمير الناهض صاحب جريدة (العندليب) وأهل الفن كثيرون منهم المرحوم حقي الشبلي، عبد الله العزاوي، محمود شوكت، يحيى فائق.
ماتت منيرة الهوزوز من غير ان يحس بها احد من أشهر أغانيها مقطوعة للشاعر أبي نواس مطلعها:
نضت عنها القميص لصب ماء
فورد خدها فرط الحياء
ومن أغانيها الشعبية (يعيني الهوزوز) و(تجفي وتصل لعداي) و(ان شكوت الهوى) وغيرها الكثير.
منيرة الهوزوز - تجفي وتصل لعداي
منيرة الهوزوز ومن الحان يوسف زعرور- من علتي البحشاي
ان شكوت الهوى
سوده على النمام - من الحان يوسف زعرور
المزيد من المقالات