صفحتنا على الفيس بوك

كتاب المقالات

محطات من الذاكرة

التصويت

ما رايك بنشاطات مركز الوتر السابع؟
 جيدة
 مقبولة
 تحتاج الى تطوير
النتيجة

الساعة الآن

لقاء مع فنان

لقاءات فنية

خريطة زوار الموقع

اللقاءات مع الفنانين

لقاءات فنية

تفاصيل الخبر

قصيدة شاعر العرب الكبير محمد مهدي الجواهري "يا دجلة الخير" وتنوع الحانها


2015-09-22

قصيدة شاعر العرب الكبير محمد مهدي الجواهري "يا دجلة الخير"  وتنوع الحانها


الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري

يعتبرالشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري عملاقاً من عمالقة الشعر العربي والعراقي ، غادرنا لكنه ترك لنا حياة شعرية زاخرة بين دفات دواوينه ، التي تعد تواصلاً مع التراث الشعري العربي الهائل
فهو"(شاعر العرب الاكبر ) ، اللقب الذي استحقه بجدارة في وقت مبكر في حياته الشعرية ، وارتضاه له العرب اينما كان واينما كان شعره ، رغم ان الساحة العربية كانت مليئة بالشعراء الكبار في عصره . فقد حصل على هذا اللقب عن جدارة تامة واجماع مطلق
قصيدته " يا دجلة الخير " لحنها اكثر من ملحن .. نستعرضها لكم بالتتابع .. وستجدون تفصيلاً عن حياة الجواهري ونشأته وتحليل لهذه القصيده في أسفل هذه الصفحة


يا دجلة الخير - الحان الموسيقار سالم حسين الامير - غناء المطربة بلقيس فالح

لحنها الموسيقار سنة 1998 ومن ثم سجلت في عمان

 

 

يا دجلة الخير - الحان الفنان طالب غالي- غناء المطرب فؤاد سالم

 لقد ورد سهواً في الفيديو ان الالحان لجعفر حسن .. والذي ستستمعون الى لحنه بعد هذا الفيديو ..اللحن للفنان البصري طالب غالي وقد سجلت هذه الاغنية في القاهرة عام 1984ووزعها الموسيقار المصري القدير شعبان ابو السعد.

.

 

يا دجلة الخير - الحان وأداء الفنان جعفر حسن

يا دجلة الخير - الحان وأداء سيروان يا ملكي

القصيدة بصوت شاعرها محمد مهدي الجواهري


الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري(1889 - 1997)
الجواهري اكبر عاصفة شعرية في ديوان الشعر العربي طوال قرن
نقلاً عن مجلة الموروث – وزارة الثقافة – دار الكتب والوثائق – العدد الثاني 2008
يعتبرالشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري عملاقاً من عمالقة الشعر العربي والعراقي ، غادرنا لكنه ترك لنا حياة شعرية زاخرة بين دفات دواوينه ، التي تعد تواصلاً مع التراث الشعري العربي الهائل
فهو"(شاعر العرب الاكبر ) ، اللقب الذي استحقه بجدارة في وقت مبكر في حياته الشعرية ، وارتضاه له العرب اينما كان واينما كان شعره ، رغم ان الساحة العربية كانت مليئة بالشعراء الكبار في عصره . فقد حصل على هذا اللقب عن جدارة تامة واجماع مطلق ."(1)
بداياته
ولد الجواهري في النجف ،" كان أبوه عبد الحسين عالماً من علماء النجف ، أراد لأبنه أن يكون عالماً دينيا، لذلك ألبسه عباءة العلماء وعمامتهم وهو في سن العاشرة. ترجع اصول الجواهري إلى عائلة تُعرف بآل الجواهر ، نسبة إلى أحد أجداد الأسرة والذي يدعى الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر ، والذي ألَّفَ كتاباً في الفقه ، وأسم الكتاب "جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام " ومنه جاء لقب الجواهري.
قرأ القرآن وهو في سن مبكرة ثم أرسله والده إلى مُدرّسين كبار ليعلموه الكتابة والقراءة و النحو والصرف و البلاغة و الفقه. وخطط له والده وآخرون أن يحفظ في كل يوم خطبة من نهج البلاغة وقصيدة من ديوان أبو الطيب المتنبي .نظم الشعر في سن مبكرة‏ وأظهر ميلاً منذ الطفولة إلى الأدب ، فأخذ يقرأ في كتاب البيان والتبيين ومقدمة ابن خلدون ودواوين الشعر ،‏ كان في أول حياته يرتدي لباس رجال الدين ، واشترك في ثورة العشرين عام 1920 ضد السلطات البريطانية." (2)
وقد"لمع اسم الجواهري بعد ان كتب قصيدته المعروفة (ثورة العشرين) ، ومن قصائده (أخي جعفر) التي رثى فيها أخاه الذي استشهد في وثبة كانون عام 1948"(3)
"صدر له ديوان "بين الشعور والعاطفة" عام (1928). وكانت مجموعته الشعرية الأولى قد أعدت منذ عام (1924) لتُنشر تحت عنوان "خواطر الشعر في الحب والوطن والمديح". ثم اشتغل مدة قصيرة في بلاط الملك فيصل الأول عندما تُوج ملكاً على العراق وكان لا يزال يرتدي العمامة ، ثم ترك العمامة كما ترك الاشتغال في البلاط الفيصلي وراح يعمل بالصحافة بعد أن غادر النجف إلى بغداد ، فأصدر مجموعة من الصحف منها جريدة ( الفرات ) وجريدة ( الانقلاب ) ثم جريدة ( الرأي العام ) واُنتخب عدة مرات رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين .استقال من البلاط سنة 1930 ، ليصدر جريدته (الفرات) ثم ألغت الحكومة امتيازها وحاول أن يعيد إصدارها ولكن بلا جدوى ، فبقي بلا عمل إلى أن عُيِّنَ معلماً في أواخر سنة 1931 في مدرسة المأمونية ، ثم نقل إلى ديوان الوزارة رئيساً لديوان التحرير .
 في أواخر عام 1936 أصدر جريدة (الانقلاب) إثر الانقلاب العسكري الذي قاده بكر صدقي لكنه سرعان مابدأ برفض التوجهات السياسية للإنقلاب ، فحُكِمَ عليه بالسجن ثلاثة أشهر، وبإيقاف الجريدة عن الصدور شهراً .بعد سقوط حكومة الانقلاب غيَّرَ اسم الجريدة إلى (الرأي العام) ، ولم يتح لها مواصلة الصدور ، فعُطِلَت أكثر من مرة بسبب ما كان يُكتب فيها من مقالات ناقدة للسياسات المتعاقبة . لما قامت حركة  آذار(مارس) 1941 أيّدها وبعد فشلها غادر العراق مع من غادر إلى إيران ، ثم عاد إلى العراق في العام نفسه ليستأنف إصدار جريدته (الرأي العام) . اًنتخِبَ رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين ونقيباً للصحفيين، واجَهَ مضايقات مختلفة ، فغادر العراق سنة 1961 إلى لبنان ومن هناك استقر في براغ سبع سنوات ، وصدر له فيها في سنة 1965ديوان جديد سمّاه " بريد الغربة " (4)

شعره ومكانته
"انّ أهم ميزة في شعر الجواهري انه استمرار لتراث الشعر العربي العظيم ، ولعلنا لانجافي الحقيقة اذا قلنا انه لم يظهر بعد المتنبي شاعر مثل الجواهري ، وهذه قناعة العرب جميعاً قارئين ونقاداً وباحثين. في الوقت نفسه واكب الحركة الوطنية العربية ، وعَبَّرَ في شعره عنها ، وقدم لها قصائد ستظل خالدة .
وبالرغم من قصائده المطولة التي وصلت إلى أكثر من 100 بيت ،لاتجد فيها غير الجيد من الشعر ، فكله على وجه التقريب من أسمى الشعر العربي وأقومه مادة ولغة واسلوبا ً، وهي كذلك في اعلى مدارج الابداع ، وأرقى مراقي الفن .
لهذا طبع شعر الجواهري في ذهن الناشئة من كل جيل مفاهيمَ وقيماً شعرية انسانية لاتزول . اما التجديد في شعره فجاء مكللاً بكل قيود الفن الرفيع من وزن و قافية ولغة واسلوب وموسيقى وجمال وأداء .(5)
"وهو شاعر العرب الكبير في القرن العشرين ،ومَن يريد أن يقرأ تاريخ العراق السياسي والاجتماعي والفكري في ذلك القرن ، فليقرأ شعر الجواهري ، لأنه يجسد بصدق الاحداث الجسام المتتالية التي مرّت على العراق ... لقد كانت لغة الشعر عنده دون ادنى ريب "ذات اصول نحوية وصرفية ودلالات معجمية وصور بلاغية وجمالية " (6).
اذ " يمثل الجواهري في ديوان الشعر العربي الحديث، أكبر عاصفة شعرية حملتها القصيدة العمودية طوال قرن كامل من الزمان، وعلى امتداد عمر الجواهري) (1889-1997) أكثر من ثلاثة أرباع القرن العشرين ، وشعر الجواهري سجل حافل بكل الفورات السياسية والتقلبات الثورية في العراق، وفي الوطن العربي.
ألتحم شعر الجواهري بهذه الأحداث العنيفة مدّاً وجزراً ثباتاً وتقلّباً، وأصبحت قصائده المواكبة لها منارات تضيء لعشاق الشعر والوطنية والقومية معا، الشعر في نموذجه العالي الذي تتردد من خلاله أصداء شعراء العربية الكبار: المعري والمتنبي وأبي تمام والبحتري والشريف الرضي وغيرهم من أصحاب القامات الكبرى، يحاذيهم الجواهري ولا يتخلّف عنهم، ويجاوزهم بمذاق العصر وفتنة المغايرة والقدرة الفذة على إبداع الصورة الشعرية في منمنماتها، وتنويعاتها الإيقاعية، ونَفَس شعري هو الأبعد مدى وغاية، بالنسبة لأقرانه الكبار من شعراء العصر: الزهاوي والرصافي في العراق، بدوي الجبل وعمر أبي ريشة في سوريا، الأخطل الصغير ، بشارة الخوري وأمين نخلة وسعيد عقل في لبنان وشوقي وحافظ ومطران في مصر.
وبقدر ما تغير بحر الشعر العربي، وتدفقت فيه موجات شعرية جديدة بدءًا برواد الحداثة الشعرية في العراق: السياب ونازك والبياتي وبلند الحيدري، وحركات المد الرومانسي التي برزت منها في مصر جماعة الديوان وجماعة أبوللو ثم جاءت حركة الحداثة الشعرية في مصر مساوقة ومؤازرة لنظيرتها في العراق، تغير المشهد الشعري كله تغيرات قاطعة وحادة، ظلَّ الجواهري صوت القصيدة العمودية الأكبر، خاصة بعد اختفاء بدوي الجبل وعمر أبي ريشة والأخطل الصغير والبردوني من هذا المشهد، وامتلائه بشعراء التفعيلة جيلاً بعد جيل، وصولاً إلى قصيدة النثر.
أجنت السياسة بتقلّباتها على الجواهري،حين تقلب معها - أحيانا من النقيض إلى النقيض - في داخل الوطن، وعبر المنافي: العربية والأوربية في باريس وبراغ ودمشق - التي دفن فيها في ختام اغترابه ومنفاه الطويل المرير ، أم أن ممارساته المتعاقبة للعمل الصحفي، وللنضال السياسي هي التي أكسبت شعره حرارته وتوتره ولغته الحادّة الواخزة، فجعلت منه شاعر الجماهير العراقية والعربية، يخرج من السجن ليدخله من جديد، وتصادر صحيفته ليصدر أخرى بعد قليل، وقدّر لشعره أن يتلوّن بنزف جراح النضال والحرية، وأن يتشكّل دوماً باحثاً عن فضاء أرحب، وأفق لا يُظل ظلما ولا طاغية. (7)

قصيدة دجلة الخير ( نموذجاً )

" وما تركه الجواهري من أرث شعري قصيدته دجلة الخير ، و"قصيدة الجواهري بنيان ضخم أبهاؤه تتردد فيها أصوات تذكّرنا بهتفات الشعر العربي في تجلياته العظيمة، ذابت في صوت الشاعر، وحملت سمته وملامحه، وسكب فيها من عُرامه وعنفوانه وحُميّاه، من فتوّته وعناده الصخري وكبريائه، وجذور يقينه الضاربة في أديم (النجف الأشرف) في العراق، وثقته في قدرته على الوفاء بمطلب الجماهير في الشعر، حين تلتفت إليه الأعناق مع كلّ حادث يحدث، أو مهرجان يقام.
في هذا البنيان الضخم، لن نفتقد النَفَس الشعري الممتد، تتقطع أنفاسنا - نحن قرّاءه ومستقبليه - وهو في كامل توهجه واقتداره. ولن نفتقد القافية المحكمة التي لا نشكّ في أنها خُلقت لتسكن هذا البيت من القصيدة. ولن نفتقد هجومه الكاسح على شاغل القصيدة ومفجّرها في وجدانه، ليعتصره من كل زواياه وأطرافه، وليستصفي أنضر ما يقذف به منجمه المتخمّر، وأفتك ما يتفجّر به بركانه الثوّار بحُمم الشعر وشظاياه الحارقة.
وأشدّ ما يفجّر الأسى في قصة الجواهري التراجيدية، صوته بعيداً عن دوالّ عشقه ورموزه الباقية في العراق ودجلة والفرات وبغداد والنجف، والأهل والصحب، ورائحة الشوارع وظلال البيوت ومذاق الهجير والزمهرير.
هذا العشق الذي تجسّده واحدة من روائعه وآثاره الشعرية الباقية، هي قصيدته (يا دجلة الخير) التي يقول ديوانه إنها نُظِمَت في شتاء عام 1962، وكان الشاعر يمرُّ بأزمة نفسية حادة، إثر اضطراره إلى مغادرة العراق هو وعائلته، والإقامة في مغتربه في تشيكوسلوفاكيا، وكان ذلك في صيف 1961. نُشِرَ قسمُ منها لأول مرة في جريدة المستقبل في شباط (فبراير) 1963 بعنوان: رائعة جديدة للجواهري (يا دجلة الخير) وقالت الجريدة في تقديمها: رائعة الجواهري.. جاءت كمعظم روائعه الشعرية فريدة ممتازة شامخة الذرى، تلمس فيها الطبيعة الإنسانية في ثورتها وهدوئها، في آلامها وأفراحها، في تحرّقها وحنينها إلى ما تصبو وإلى ما حرمت منه بسبب من الأسباب. إنك تلمس في هذه الأبيات المتلاحمة شوق الجواهري إلى وطنه. إلى دجلته، وإلى ضفافها واصطفاق أمواجها، وتحسّ خلال استعراضك للقصيدة كيف يتصل الجواهري بألف سبب وسبب بما في هذا الشعب العظيم وبحاضره ومستقبله.
يقول الجواهري :

حيّيتُ سفحكِ عن بعدٍ، فحيّيني

يا دجلة الخير، يا أمَّ البساتينِ

حيّيْتُ سفحكِ ظمآناً ألوذُ به

لوْذَ الحمائم بين الماءِ والطينِ

يا دجلةَ الخير يا نبْعاً أفارقُهُ

على الكراهةِ بين الحين والحينِ

إنّي وردْتُ عيون الماءِ صافيةً

نبْعاً فنبْعاً، فما كانت لترويني

وأنت يا قارباً تلْوي الرياحُ بهِ

ليَّ النسائمِ أطرافَ الأفانينِ(1)

وددْتُ ذاك الشراع الرّخصَ لو كفني(2)

يُحاكُ منه، غداة البيْنِ، يطويني

يا دجلة الخير: قد هانت مطامحُنا

حتى لأَدنى طِماحٍ غيرُ مضمونِ

أتضمنين مقيلاً لي سواسيةً

بين الحشائشْ أو بين الرياحينِ

خِلْواً من الهمِّ إلا همَّ خافقةٍ

بين الجوانح أعنيها وتعْنيني

تهزّني فأجاريها فتدفعُني

كالريح تُعْجلُ في دفع الطواحينِ

* * *

يا دجلة الخير: يا أطياف ساحرةٍ    يا خمر خابيةٍ في ظلّ عُرجونِ(3)
يا سكْتَةَ الموتِ، يا أطيافَ ساحرةٍ    يا خنْجَر الغدر، يا أغصان زيتونِ
يا أمّ بغدادَ، من ظَرْفٍ ومن غَنجٍ    متى التبغْددُ حتى في الدهاقينِ(4)
يا أمّ تلك التي من (ألف ليلتها)    للآنَ يعبقُ عطرٌ في التلاحينِ
يا مُسْتجمَّ (النواسيّ) الذي لبستْ(5)    به الحضارة ثوباً وشْيَ (هارون)(6)
الغاسلِ الهمّ في ثغرٍ وفي حَببٍ    والمُلْبسِ العقْلَ أزياءَ المجانينِ
والسّاحبِ الزقّ يأباهُ ويُكرِههُ(7)    والمُنْفقِ اليوْمَ يُفْدَى بالثلاثينِ(8)
والرّاهنِ السّابريَّ الخزّ في قَدحٍ(9)    والمُلهمِ الفن من لهوٍ أفانينِ
والمُسمعِ الدّهرَ والدنيا وساكنَها    قرْعَ النواقيسِ في عيد الشّعانينِ(10)
 

* * * 

يا دجلةَ الخير: ما يُغْليكِ من حَنقٍ    يُغلي فؤادي، وما يُشجيكِ يُشجيني
ما إن تزالُ سياطُ البغْى ناقعةً    في مائكِ الطُهرِ بين الحين والحينِ
ووالغاتٌ خيولُ البغْيِ مُصبحةً    على القُرى - آمناتٍ - والدهاقينِ
يا دجْلَة الخير: أدري بالذي طَفحتْ    به مجاريك من فوقٍ إلى دُونِ
أدري على أيّ قيثارٍ قد انفجرتْ    أنغامُكِ السمّرُ عن أناتِ محزونِ
أدري بأنك من ألفٍ مَضَتْ هَدراً    للآنَ تهزْينَ من حكمِ السلاطين
تَهزين أنْ لم تَزَلْ في الشرق شاردةً(11)    من النواويس أرواحُ الفراعينِ(12)
تهزين من خِصْب جنّاتٍ مُنثرةٍ    على الضفافِ ومن بُؤسِ الملايينِ
تهزيْنَ من عُتقاءٍ يوم ملحمةٍ(13)    أضفوْا دروع مطاعيمٍ مطاعينِ
الضارعين لأقدارٍ تحِلُّ بهمْ    كما تلوّى ببطن الحوت ذو النونِ
يروْن سود الرزايا في حقيقتها    ويفزعون إلى حدْسٍ وتخمينِ
والخائفين اجتداع الفقر مالهمو    والمُفضلينَ عليه جَدْعَ عِرْنينِ(14)
واللائذين بدعوى الصبر مَجْبنةً    مستعصمين بحبْلٍ منه موهونِ
والصبرُ ما انفكّ مرداةً لمحتربٍ(15)    ومستميتٍ، ومنجاةً لمسكينِ
يا دجلةَ الخير: والدنيا مفارقةٌ    وأيّ شرٍّ بخيرٍ غيرُ مقرونِ
وأيُّ خيْرٍ بلا شرٍّ يُلقّحه    طهْرُ الملائكِ من رجْسِ الشياطينِ
يا دجلةَ الخير: كم من كنْز موهبةٍ    لديْكِ في (القُمْقُمِ) المسحور مخزون
لعلّ يوماً عصُوفاً جارفاً عرساً    آت فترضيك عقبان وتُرضيني
يا دجلةَ الخير: إن الشعر هدهدةٌ    للسمع، ما بين ترخيمٍ وتنوين
عفْواً يردّد في رَفْةٍ وفي عَللٍ    لحن الحياة رخيّاً غَيْرَ ملحونِ
يا دجلة الخير: كان الشعر مُذْ رسمتْ    كفّ الطبيعةِ لوْحاً (سفرَ تكوينِ)
يا دجلة الخير: لم نصحبْ لمسْكنةٍ    لكنْ لنلْمِسَ أوجاعَ المساكينِ
هذى الخلائقُ أسفارٌ مُجسّدةٌ    المُلهمونَ عليها كالعناوينِ
إذا دجا الخطْبُ شعَت في ضمائرهم    أضواءُ حرْفٍ بليل البؤسِ مرهونِ
دَيْنٌ لزامٌ، ومحسودٌ بِنِعمتهِ    من راح منهم خليصاً غير مديونِ
 

 * * *

يا دجلةَ الخير: هلا بعض عارفةٍ(16)    تُسدى إليَّ على بُعدٍ فَتجْزيني
يا دجلةَ الخير: منّيني بعاطفةٍ    وألهميني سُلواناً يُسلّيني
يا دجلةَ الخير: من كلّ الاُلى خبروا    بلوايَ لم أُلْفِ حتّى مَنْ يُواسيني
يا دجلةَ الخير: خلِّي الموج مُرتفعاً    طيفاً يمرُّ وإن بعْضَ الأحايينِ
وحمّليه بحيثُ الثلجُ يغمُرني    دفْءَ (الكوانينِ) أو عطر (التشارين)(17)
يا دجلةَ الخير: يا مَن ظلَّ طائفُها    عن كلّ ما جلت الأحلامُ يُلهيني
لو تعلمين بأطيافي ووحشتها    وددّتِ مثلي لو أنّ النوْمَ يجفوني
يا دجلةَ الخير: خلّيني وما قَسمت    لي المقاديرَ من لدْغِ الثعابينِ

ويرحل الجواهري عن عالمنا، ولاتزال دجلةَ تشكو الأسْر والقهر والقيود، ولاتزال تغلي بالحنق الذي استثار غضب الشاعر وشجونه، ولاتزال سياط البغي ناقعة في مائها الطاهر، وخيول البغْي والغة على القرى الآمنة، ولاتزال دجلةَ تصغى لأوجاع المساكين، والليل المرهون بالبؤس. ولايزال جرحها ينزف، وشاعرها في الملأ الأعلى تطل روحه على بغداد وأمّ بغداد، فتــرتدّ جازعة مـــــن رجـــــس الشياطين، مفتقدةً طهر الملائكة، متطلعة إلى يومٍ عصوف جارف عرم، يطيح بكلّ الذي تشكو منه وتعانيه، لعلّها ترضى عقباه وتغني لحن الحياة، وستظل في أسماعنا وأعماق وجداناتنا - نحن الحالمين بدجلة الخير وبغداد العدل والحرية - نداءاتُ الجواهري وهتفاته الشجية وهو يردد في مستهلّ العديد من أبيات قصيدته: (يا دجلة الخير) فهل آن أوان إجابة هذا النداء؟ "(8)
(وحيث ان  الجواهري عانى كثيراً جراء مواقفه بوجه الحكام حتى استقر به المقام أخيراً في دمشق حتى وفاته صبيحة يوم 27/ تموز/ 1997 بعد وعكة صحية ولكنه قبيل وفاته بفتر ة قصيرة كتبَ وصيته الأخيرة التي وثقها لدى الكاتب العدل في دمشق حيث أوصى فيها ان يكون (صباح المندلاوي) الكاتب والصحفي زوج ابنته (خيال) ابناً ثامناً له من بين أبنائه السبعة:نجاح، كفاح، ظلال، خيال، أميرة، فرات، فلاح.وفي ما يخص ابنته (خيال) الجواهري:فقد عملت في مكتبة الأسد الوطنية في سوريا رئيسة لقسم الببلوغرافيا الوطنية بعد حصولها على شهادة الدكتوراه من براغ وحصلت على أول دكتوراه من نوعها في علوم المكتبات في كلية الفلسفة ـ جامعة كارلوف (براغ).. لها مؤلفات في مجال اختصاصها (المكتبات) ...
وأعدّت أكثر من كتاب عن الجواهري تتضمن المقالات والمراثي التي قيلت أو نشرت بحقه اضافة الى حياته وابداعه وتضمنت العشرات بل المئات من المقالات.. وشاركت في عدة مؤتمرات منها: مؤتمر مؤسسة الفكر العربي في القاهرة عام 2000 ومؤتمر اتحاد النساء الديمقراطي الثالث عشر في بيروت عام 2002 وأخيراً المؤتمر الرابع عشر لاتحاد النساء الديمقراطي العالمي في كراكاس عام 2006..
وتعد واحدة من الناشطات في حقوق المرأة وترأس حالياً رابطة نهضة المرأة )(9).
"وذكر الجواهري يبقى مقروناً بالاكبار والاعجاب وهو حقا ًشاعر العرب الاكبر.. العملاق الذي لايمكن ان يشغل مكانه ابدا ... مهما كان الادعاء وبأي مستوى من المحاولات ... بمستواه في التمرد على الذات في الحب وفي السهر ... وفي التفكير .
عندما تشغله الابيات فيتعلق ويحاورها ويروح يحذف ويضيف في مخيلته الجامحة حتى ينتظم العقد.. قصيدة محجلة .
انّه الاول في الرضا والاول في الرفض والمقاومة وفي الاستجابة .."(10)
المصادر:
(1) الموسوعة الحرة (ويكيبديا).
(2) المصدر السابق
(3) الآباء في ذاكرة الأبناء ، جريدة المشرق ، العدد 1123، 2007\12\3 ،ص7
(1) الجواهري ودجلة الخير ، فاروق شوسة ، مجلة العربي الكويتية ، وموقع الجواهري الألكتروني .
(4)الموسوعة الحرة ( ويكيبديا)

(5) المصدر السابق
(6) د. فليح كريم الركابي ، رؤية مشتركة بين شاعرين .. المعري كما رآه الجواهري ، مجلة الاقلام ، العدد 3ـ 4، السنة الثانية والاربعون ، 2007 ، بغداد ، دار الشؤون الثقافية العامة ، ص 41
(7) الجواهري ودجلة الخير ، فاروق شوسة ، مجلة العربي الكويتية ، وموقع الجواهري الالكتروني .
(8) المصدران السابقان .
(9)الآباء في ذاكرة الأبناء ، جريدة المشرق ، العدد 1123 ، 2007\12\3 ،ص7
(10) جابر شنيكر ، الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري ، مجلة الجوهرة ، العدد الاول ، تموز 2004،دمشق ، ص 26
الهوامش:
الهوامش الخاصة بمعاني بعض كلمات قصيدة دجلة الخير كما وردت في موقع الجواهري:
(1)الأفانين والأفنان: الأغصان
(2) الرّخص الناعم.
(3) الخابية: وعاء من الفخار يُعتّق فيه الشراب. العرجون: عذْق النخل إذا يبس واعوجّ.
(4) التبغدد: تقليد أهل بغداد ومحاكاتهم في عاداتهم وتحضّرهم.
الدهاقين: جمع) دهقان ): رئيس المدينة أو القرية (فارسية) معرّبة.
(5) النواسي: أبو نواس.
(6) هارون: هارون الرشيد.
(7) الزق: وعاء من الجلد يتخذ للماء والخمر.
(8) بالثلاثين أي بالثلاثين يوما مجموع أيام الشهر.
(9) في هذا البيت إشارة إلى قول أبي نواس من قصيدة له وقد رهن ثيابه الثمينة كلها ومن بينها خلع العباسيين عليه.
(10) عيد الشعانين: من أعياد النصارى.
(11) تهزيْن: تهزئين بتسهيل الهمزة.
(12) النواويس: التوابيت.
(13) العتقاء: من يؤسرون ثم يطلق سراحهم.
(14) جدع عرنين: يقال جُدع عرنينه أي قُطع أنفه.
(15) مرداة: مهلكة.
(16) العارفة: الفضل والإحسان.
(17) الكوانين: جمع كانون وهو الموقد.
والتشارين: جمع (تشرين) وهو اسم لشهرين من شهور السنة السّريانية: تشرين الأول وهـو أكتوبر وتشرين الثاني وهو نوفمبر.
 

 

المزيد من الاخبار

ابحث في موقعنا

شاهد قناة الوتر السابع

أحصائيات

عدد الزوار حاليا : 6
عدد زوار اليوم : 342
عدد زوار أمس : 694
عدد الزوار الكلي : 1198066

من معرض الصور

فيديوات الوتر السابع