تفاصيل الخبر
حكاية لم تكتمل فصولها...قصة العازف الراحل علي حمدان - الحلقة الاولى
2016-04-11
حكاية لم تكتمل...قصة الراحل علي حمدان
رسالة من السيدة فاطمة الظاهر مديرة الموقع الى والدته الفقيد علي حمدان
عزيزتي هناء
أبدأ خواطري هذه بقول الشاعر :
رأيْتُ زَماننا زمنٌ يقاسي ..... بهِ الاحرارُ آعباءَ المآسي
أختي الغالية أم علي
لآ أريُد من خلال ذلك أنْ أُفجر أحزانك وآلامك لان تلك الاحزان والآلام لايمكن ان تمحوها الايام وتقضي عليها السنون كما لا يمكن ان تندمل في لحظاتٍ او سويعاتٍ ، لأن الامر أكبر من ذلك بكثير حيثُ خياله وذكرياته تحوم حولك في كل مكان وحيثما كان.
لقد هزت فاجعة علي مشاعر وعواطف كل محب له وعارف بموهبته ونبوغه حيث كان لفقده المبكر أثر واضحٌ على الكثيرين ممن عرفه ، حيث وجدوا فيه الطرفة المحببة والكلام اللطيف الجميل القريب للنفوس والقلوب.هكذا هي الحياة يا أم علي متاعُ زائل ورحلة مؤقته الى الحياة الاخرى حياة الابدية والخلود.
فهو بذرٌ مضئ في أمتداد ضوئه ، ونورٌ معطاءٌ في إنتشار خيره من خلال موهبته النادرة
فلا أبكاكِ ربَّ الكونِ يوماً ..... وأبْعَدَ عنكِ تسهيد الجفون
يا أختي الغاليه أم علي
تعلمين أن نواقيس الحياة بكلّ ميادينها ، وعوامل نجاحها ، والتطلع لها ، وتحقيق الامال والاحلام فيها ، قد لا يكتب لها السعدُ والنجاح ولا تزدهر ليتواصل عطاؤها ، حيث يقول الشاعر :
ما كلُ ما يتمنى المرْءُ يدركهُ ..... تجري الرياحُ بما لا تشتهي السفنُ
وهذا قدرك وقدرً إبنك في الحياة ، فتحقيق الرغبات والاصرار على الوصول لما يمكن فيه تحقيق الآمال ليس بأيدينا. لقد مررْتِ انتِ وعائلتك الكريمة بظروف صعبةٍ قاسيةٍ كانت تدمي القلوبَ وتثير المواجع ، لقد كانَ إبنك (رحمه الله ) نبتةَ صالحه إرتوت من قطرةِ ماءٍ عذبة , فيها روح الامل وتواصل الحياة على عكس غيره من بعض الفتيان الذين كانوا كذرةِ رمل صفراء فقدت الروح في النفوس وأماتت الاحساس في القلوب ، كما يقول الشاعر :
ومتى وجدت الناس إلا تاركاً ..... وحميمه في التربِ أو متروكا
وهناك حكمة تقولُ : ( لا ظلامَ مع شموع الفجر)
لقد كان علياً أحد شموع ذلك الفجر الذي ألهمه الموهبة والذكاء والتحدي من أجل تحقيق ما في قلبه وفكره من أفكار وآمال ، فكان عطاؤهُ لغيره لا لنفسهِ ولم يكنْ ذلك العطاء يتحدد بكم او بنوع ، فهو تعبير صادق عن الروح الالهية الكامنه في ذاته التي كرمها الله لبعض بني البشر وهذا ما كان عند الفقيد ( رحمه الله) ، وفي نفس المعنى قال سبحانه " ويؤثرون على أنفسهم ولو كانَ بهم خصاصةٌ"، تلك هي الصفات التي كانت تلازم فقيدنا والتي يجب أنْ يتصف بها غالبية الفتيان والشباب وهذه هي الشمائل التي يجب ان تكون عامل فخر وأعتزاز وهذا ما لانراه الان إلا نادراً.
أختي الغالية هناء
إن نور الشمس بعطائه الثر يغرسُ في هذا الكون الفسيح روح الامل والتحدي والابداع وهذا ما كان في ولدك رحمه الله ، ولكنْ القدر لم يمهله ، واأسفاه وذلك حكم الله
أو لم ترَ الايام كيف تدورُ؟..... فتدني عزيزاً مرةً وتجورُ
من خلال سيرة المرحوم إبنك نقف عند نقاطٍ عديده فيه ، حيث كان يحبُ الناس بقلبٍ مفتوح وفكر مسموع وحيث تجاوز قيم الحياة المادية الى جوانبها الروحية والانسانية وهو المعيار الحقيقي لقيمة الفرد ، لقد كان إبنك رحمه الله ، فارساَ شجاعاَ من خلال موهبته حيث صقلته تلك المواهب وعركته الحياة وأيامه القليلة فيها ، فكان من أعظم الفتيان عطاءً قياساً لعمره القصير.
أقول لك يا عزيزتي
أيَّ دمعةِ حزنٍ لا لا ..... أقول ذلك لأنّ علياً لا يزال بأبداعه وما تركه لنا من أثرٍ غالٍ ورائعٍ يعيش بيننا ، يؤكد ذلك قول الشاعر :
وانما المرءُ حديثٌ بعدهُ ..... فكنْ حديثاً حسناً لمَن روى
فلننظر اليه حينما قطرات الندى تمتزج بنسمات الصباح البارده حيث تداعب النفوس النديه فتبعث فيها روح الامل والعطاء ، فعلينا ان نجده ونراه في كل ذلك ، ولنترك الحزن والهم ونتجه له بالدعاء والرحمه ونبتعد عما يقوله الشاعر : علامَ تلومني وتُطيل عًذابي .... على ما ليس لي فيه يدانِ
ومن واجبنا أنْ نتذكر هذا الفتى دائماً وأبداً ولن يغيب عن بالنا ومخيلتنا لنقدم له جانباً من حق الوفاء والمحبه والاعتزاز تجاه فتىً قلما نجد عند مَنْ كانَ بعمره وسنه تلك المواهب والقدرات الابداعيه.
لقد كان رحمه الله يحمل كل معاني الحب وتواصل الحياة مع هذا العالم الفسيح بكل ما فيه من نِعمٍ وكرائمٍ نتواصل معها في أستمرارية الزمن
رحم الله علياً وأسكنه مع الصالحين والمؤمنين فسيح جناته ، لقد كان كالبدر في امتداد ضوئه والنور في أنتشار خيره وعطائه ، وألهمنا نحن وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.... وأنا لله وانا اليه راجعون
فاطمة الظاهر – مؤسسة ومديرة موقع الوتر السابع
استمع الى الراحل علي حمدان وهو يعزف رائعة محمد عبد الوهاب - في يوم وليلة
حكاية لم تكتمل ... حكاية علي حمدان
ترويها السيده هناء حمودي ( والدة الفنان الراحل) من خلال رسائل متبادلة بينها وبين مؤسسة ومديرة موقع الوتر السابع الاستاذة فاطمة الظاهر ، علماً ان كل ما سيرد في رسائلها من اخبار ووقائع ترويها لاول مرة ، ولم يسبق لها ان باحت بمكنونات صدرها قبل اليوم ، ونزولاً عند رغبة الكثيرين في معرفة حكاية هذا الطفل الموسيقي المعجزة ، كيف تسلق سلم النجاح والابداع في العزف ؟ وكيف غادر هذه الدنيا وهو في أوج صعوده وتألقة ؟ كل هذا سترويه لكم والدة الطفل الموسيقي علي حمدان السيدة ( هناء حمودي) ، وسننقل لكم الوقائع تباعاً حسب تسلسلها التاريخي لكي يقف الجميع على سيرة هذا الفنان .. تبدأ الحكاية على لسان السيدة هناء حمودي وبعد أخذ موافقتها في النشر
الحلقة الاولى
Date: Fri, 28 Aug 2015 19:03:51 +0300
ربَّ أخٍ لم تلده أمك ، كم كنت سعيدة عزيزتي فاطمة عندما ناديتني بأختي و حبيبتي ، ومن الآن أنت أختي بعهد الله وهذه فرحة وبهجة أضفيتها على حياتي فشكرا لك .
أختي فاطمة لندعوا الله أن يوفقنا في عملنا الجليل هذا كما أرجو أن يتسع لي صدرك لسرد حكايتي مع علي ، ربما أستفيض بسرد تفاصيل قد لاتكون مهمة عند البعض , ولكن احساسي ومشاعري نحوك كأخت عزيزة وكريمة , قد يمنحني بعضا من طمأنينة وسلام لأفضفض عن كوامن ذات موجوعة بهذا الفقدان ومؤمنة بالقضاء والقدر في الآن نفسه . فالحديث عن الراحل علي وعن موهبته جزء مما تركه من مسؤولية ( سعيدة بتحمل أعباءها ) بالتعريف به أنسانا ومبدعا , بالأضافة الى كونها توفر لي قدرا من التعويض النفسي والروحي عن هذا الفقدان الفاجع .
ستلاحظين أني أدخل في تفاصيل لا أهمية لها ولكن مع اكتمال الحكاية ستعرفين كل تفصيل مرتبط بآخر وسيشكل بالنهاية حلقة مكتملة لا يعرف حكمتها إلا الله سبحانه وتعالى
بسم الله خير الأسماء أبدأ أجمل حكاية ، حكاية علي رحمه الله وغفر له
في البداية سأعطيك فكرة عن عائلتي ،أنا مدرسة تربية رياضية وزوجي رجل بالجيش أنهى خدمته من سنة تقريبا على إثر عملية جراحية أبدل فيها أربعة شرايين وهو الآن بصحة جيدة والحمد لله ،تزوجنا ورزقنا الله ولدين( علي وآية) واكتفينا بهما نشكر الله على فضله . فهذه أحلامنا ولد وبنت وعقدت اتفاقا مع نفسي أن أكون خير أم تؤدي مهامها تجاه ما إئتمنه الله عليَّ ، فالأمومة رسالة عظيمة يجب أن أكون على قدر عظمتها.
أبنتي آية الآن طالبة طب بشري ستنتقل للسنة الثانية هذا العام بإذن الله . .
خلال فترة حملي بعلي وعلى الرغم من التطور االطبي الا أنني طلبت من الطبيبة المشرفة على وضعي ألاتخبرني إن كان الجنين صبي أم بنت .
ولد علي في منطقة قطنا في محافظة ريف دمشق حيث يعيش أهلي , أما أنا فقد انتقلت للعيش في محافظة اللاذقية بعد زواجي حيث يعمل زوجي . لهذا قبل ولادة علي بأيام ذهبت إلى قطنا لألد عند أختي التي أعتبرها بمثابة أمي فقد توفيت أمي رحمها الله قبل زواجي بفترة .
ولد علي في (30 \3\1995)
ليلة خميس ربيعية ، كانت ليلة عظيمة وسعيدة وغامضة بالنسبة لي ، في ذلك البيت الذي أصبح فيما بعد أحب البيوت لقلب علي وفي واحدة من غرفه بدأت حياة علي وانتهت. كان أمر ولادته فيه من الدهشة والعظمة والخشوع لأمر الله سبحانه وتعالى ، تدركين ( كونك أم ) آلام الولادة والمخاض لاسيما أذا كانت الولادة طبيعية , أذ لم أرغب بإجراء عملية ولادة قيصرية لتوقي في أستقبال لحظة خروجه الى الحياة ومشاركة طفلي أوقاته من أول لحظة ترى عينيه فيها النور، كانت أختي واسمها سوسن بجانبي عند الولادة ... كنت أتألم وبنفس الوقت كنت أقول لنفسي( هل هذا هو الألم الذي كلموني عنه ؟) , يبدو أقل مما وصفوه , ولا أعلم هل سببها دهشة أنتظاري ولهفتي لمعانقة لحظة الولادة الغامضة ؟ قلت :- ربما سأتألم أكثر فيما بعد , وبقيت أرجو الله وأتوسله أن يلطف بي , فبينما أنا على هذا الحال أخاطب نفسي وأذا بي أرى قدرة الله قد تحققت وتمخضت عن طفل تمسك به القابلة من قدميه وتضربه على مؤخرته لأنتزاع صرخة الحياة الأولى منه ..وأي صرخة كانت ، عندما رأيت هذا المشهد ذهلت و فقدت صوابي ولم أستطع إدراك أن هذا الكائن الذي كان بأحشائي قبل دقائق هو الآن أمامي جسدا وروحا ..كائن بملامح يمكن تلمسها وأنفاس أشم عطرها.... يا لعظمة الله سبحانه . أنتابتني حالة من الفرح الجنوني ورحت أصرخ وأهلل بعبارة لا إله الا الله لا إله إلا الله وصرت أرددها بصوت عالٍ مرات ومرات ومرات فخشيت أختي والقابلة علي من جيشان عواطفي , وشاركوني التهليل والشكر لله ، وهكذا استقبلت عليا الذي تربع على عرش قلبي وملأ حياتي بهجة وجمالأ , فقد أكرمه الله تعالى بوجه ملائكي فائق الجمال كيف لا ؟ وهو ملاك من ملائكة الله ...سبحان الله والحمد له .
أكتفي بهذا القدر الآن على ان اكمل لك الحكاية في الرسالة القادمة ،أشكر لك سعة صدرك مع فائق شكري وامتناني .
نكمل في الحلقة القادمة
المزيد من الاخبار